لماذا لم يكن الرسل من الملائكة؟

اقرأ في هذا المقال


اختار الله تعالى الرسل والأنبياء من البشر، وكلفهم بحمل الرسالات، وتبليغ الناس بالدعوة إلى عبادة الخالق جلّ وعلا وتوحيده، إلّا أن الرسل جميعهم واجهوا مَن يعترض دعواتهم، ويُنكر رسالاتهم، بحجة أن الله تعالى لا يمكن أن يبعث البشر لحمل الرسالات السماوية، ويجب أن يكون الرسل من الملائكة حت يتقبل الناس دعواتهم، فلماذا لم يكن الرسل من الملائكة؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال إن شاء الله تعالى.

حجج منكري دعوة الرسل

احتجّ منكري دعوات الرسل والأنبياء على بعثاتهم ورسالاتهم؛ لأنهم من البشر، وكان لهذه الحجة أثر كبير في اعتراض الكثير من الناس على قبول دعوة الأنبياء، والإيمان بما جاؤوا به من عند الله، فقال تعالى: وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً سورة الإسراء 94.

ولم يتبع بعض الناس الرسل والأنبياء؛ لأنهم يعتقدون بقبح اتباع البشر، والإيمان بعقائدهم وشرائعهم التي دعوا إليها، ويطلبون أن يكون الرسل والأنبياء المبعوثون إليهم من الملائكة، وأن يروا الملك المرسل ويُعاينوه، أو أن يُرسَل مع كل رسول من البشر رسولاً من الملائكة، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا سورة الفرقان 21.

أسباب اختيار الرسل من البشر

  • اختار الله تعالى الرسل من البشر لقدرتهم على تحمل الابتلاءات في الدنيا، والاختبار في خلافة الأرض.
  • كما جعل الله تعالى اختيار بعض البشر لمنحهم النبوة وتكليفهم بحمل الرسالات، تكريماً وتعظيماً لهم في الدنيا، فقال تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَاسورة مريم 58.
  • وكان اختيار الله تعالى للرسل من البشر، لأنّ البشر أعلم وأقدر بقيادة وتوجيه بعضهم، فالبشر أعلم بإحساس وآلام بعضهم، وأعرف بنوازع وأشواق بعضهم.
  • ويجد الناس في الرسول البشري القدرة على أداء العبادات والشرائع المفروضة عليهم، ويتعايشون معه بالأخلاق والأفعال، فيُترجم الرسول للناس العقيدة التي تحملها رسالته المكلَّف بها، فيتعلمون منه ويرون سلوكاته وأعماله في حياته، ويُقلّدونه.
  • لا يُدرك مَن يُريد رؤية الملائكة طبيعة الملائكة، ولا طرق التعامل مع الملائكة، ولا يمكن لهم أن يصلوا إلى تقدير المشقة والصعوبة في ذلك، فرؤية الملائكة والتواصل معهم ليس بالأمر السهل.
  • لو أراد الله تعالى أن يُرسل للناس رسولا ملكاً، لبعثه لهم بصورتهم، ليتمكنوا من مخاطبته، والتعلم منه، وهنا لا يمكن لهم أن يتحققوا من معلومة ملائكية الرسول، ويكون إرسال الملك على صورة البشر غير محققاً لما طلبوه منكري دعوة الرسل من البشر، لأن الملك لا ينزل بصورته الحقيقية، وإنما بصورة بشر، كما أن الرسول من الملائكة لا يشعر بشعور البشر، ولا يتفاعل مع انفعالاتهم وعواطفهم.

شارك المقالة: