اقرأ في هذا المقال
وضع الإصبعين في الأذنين حال الأذان والإقامة:
إنّ وضع الإصبعين في الأذنين حال رفع الأذان، هو شيئاً ليس ثابتاً عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه. وأكثر العلماء على أنه يُستحب للمؤذن أن يضع اصبعيه في أذنيه حال الأذان، وهذا ما قاله ابن رجب. ولم يستحبه مع تجويزهم له بعض الفقهاء من المالكية وذلك لعدم نقله عن مؤذني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روي من حديث أبي جُحيفة رضي الله عنه قال: “رأيتُ بلالاً يُؤذن ويدور، ويُتبع فاهُ هاهنا وإصبعاهُ في أذُنيه” رواه أحمد.
قال الترمذي في حديث لأبي جُحيفة حديث حسن صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم، “يستحبون أن يُدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان”. ولكن أعلّه أحمد، فقال، لابن رجب، قال أبو طالب: لأحمد: يدخل إصبعه في الأذان، قال: ليس هذا في حديث.
وروى ابن ماجه بسندٍ ضعيف من حديث سعد القرظ رضي الله عنه: “أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال: إنهُ أرفعُ لصوتك” رواه ابن ماجه.
وقال الحاكم بسُنية ذلك، فقال: وهما سنتان مسنونتان. وقل أيضاً في المستدرك: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجراح العدل بمرو، ثنا يحيى بن ساسوية، ثنا عبد الكريم بن محمد السكري، قال: سمعتُ علي بن الحسين بن شقيق يقول: كان عبد الله بن المبارك إذا رأى المؤذن لا يُدخل إصبعيه في أذنيه يصيح به به: أنفست بكوش أنفست بكوش.
وجاء في ذلك الأمر نصوصٌ عن جماعة من السلف وأئمة الإسلام؛ فقد روى عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن الحسن، وابن سيرين: أن المؤذن يضعُ سبابتهُ في أذنيه، وأول من ترك إحدى إصبعيه في أذنيه ابن الأصم. وفي التاريخ للبخاري: أن عبد الرحمن الأصم سمع أنساً سمع منه الثوري، وأبو عوانة، قال مخلد: حدثنا أبو زهير ربيع بن صبيح عن ابن سيرين: أول من جعل إصبعه في أذنيه في الأذان عبد الرحمن الأصم مؤذن الحجاج. وقد علّق البخاري في الصحيح، فقال: “ويُذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه، وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: لا”.
قال ابن رجب: وظاهر كلام البخاري يدل على أنه غير مستحبّ؛ وذلك لأنه حكى تركه عن ابن عمر. ولعل ابن عمر إنما ترك وضع الإصبعين؛ لأنه ممسك بخطام راحلته. وما روي عن بلال روي عن أبي محذورة كذلك، لكنه لا يُثبت رواه عبد الرزاق وغيره.
والأصبعان: هما السبّاحتانِ على الأشهر، لكن ذكر بعض الفقهاء من الحنفية والحنابلة أن يجعل أصابعه على أذنيه مبسوطةً مضمومةً، سوى الإبهام. وقال بعضهم له أن يضم أصابعه إلى راحتيهِ ويجعلهما على أذنيه، وذلك لما جاء في بعض ألفاظ حديث أبي محذورة: “أنه ضمّ أصابعه الأربعة ووضعها على أذنيه”. وروي عن ابن عمر أنه كان إذا بعث مؤذناً يقول له: اضمُم أصابعك مع كفيك واجعلها مضمومةً على أذنيك.
حكم وضع الأصابع في الأذنين أثناء الأذان:
لقد جاء عند ابن قدامة بأنّ المعروف عن أحمد بن حنبل أن المؤذن يجعل إصبعه فى أذنيه، ومثلهُ والعمل عليه عند أهل العلم وهو مستحب. فقال الترمذى لما روى أبو جحيفة “أن بلالاً أذّن ووضع إصبعيه فى أذنيه”، متفق عليه، وعن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يجعل إصبعيه فى أذنيه قال “إنه أرفع لصوتكَ”.
عن أبي جُحيفة السوائي رضِي الله عنه، قال: “رأيتُ بلالًا رَضِيَ اللهُ عَنْه يُؤذِّن ويَدورُ، ويَتبع فاه هاهنا، وهاهنا، وإصبعاه في أُذنيهِ، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قُبَّة له حمراءَ أراه قال: مِن أَدَم فخرَج بلالٌ بين يديه بالعَنَزَةِ،فرَكزَها بالبطحاء، فصلَّى إليها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمرُّ بين يديه الكلبُ والحمارُ، وعليه حُلَّةٌ حمراءُ، كأنِّي أنظر إلى بريقِ ساقيه، قال سفيان: نراه حِبَرةً” رواه الترمذي.