ماذا يعني ادعاء الدجال للربوبية وبطلان هذه الدعوة؟

اقرأ في هذا المقال


إدعاء الدجال للربوبية وبطلان هذه الدعوة:

إنّ بعض هذه الأمور التي أعطاها الله إياها، لفتنة الناس واختبارهم، تجعل الدّجال يدّعي الربوبية، فقد أخرج ابن ماجه والحاكم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” فإني سأَصفُه لكم صفةً لم يَصِفها إياه قبلي نبيٌّ ، … يقولُ : أنا ربُّكم ، ولا تَرَونَ ربَّكم حتى تَمُوتُوا، وإنه أَعوَر، وإنَّ ربَّكم ليس بأَعوَر، وإنه مكتوبٌ بين عَيْنَيْهِ: كافر، يقرؤُه كلُّ مؤمن، كاتِب أو غيرُذ كاتِب. وإنَّ من فتنتِه أنّ معه جَنَّةً ونارًا ، فنارُه جنة، وجنتُه نار، فمَن ابتُلِيَ بنارِه فلْيَستَغِثْ بالله، ولْيَقْرَأْ فواتِحَ الكهفِ… وإنَّ من فتنتِه أن يقولَ للأعرابيِّ إلى نهاية الحديث.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده والحاكم عن جابر رضي الله عنه في الحديث:”فيقول: أنا ربكم، وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور.
وأخرج أيضاً الإمام أحمد عن أبي قلابة عن رجل من الصحابة رضي الله عنهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:” وإنه سيقول: أنا ربكم، فمن قال: لست بربنا، ولكن الله ربنا، عليه توكلنا، وإليه أنبنا، نعوذ بالله من شرك، لم يكن له عليه الشيطان”. أخرجه أحمد.
وأخرج البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” وإنه متى خرج، يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه، فليس ينفعه صالح من عمل سلف، ومن كفر به وكذبه، فليس يعاقب بشيء من عمل سلف”. ويأتي الدجال من الأعمال الخارقة ما يروج به باطلهُ من ادعائه للربوبيّة، ومع كون حاله يكذبه فهو كما ذكرنا: أفحج فإن مشيته معيبة، وهو قصير دميم، فكلتا عينيه معيبة، فهو أعور، شعره كثيف أجعدٌ، ومكتوب بين عينيه كافر، وغير ذلك من صفات العجز والعيب، التي لا يستطيع الدّجال أن يدفع هذا النقص والعيب عن نفسه، فكيف يدّعي الربوبية، أضف إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام الثابت في صحيح مسلم:” تعلّموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربه حتى يموت”. ومع ذلك تجد أن بعضاً من الناس يتبعونه ويصدقونه في دعواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، غير أن الأتقياء يعلمون أنه مسيح الضلالة، وأنه الدّجال الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام، نسأل الله العلم النافع والثباتُ عند الفتن والشدائد.

دخول الدجال جميع البلدان:

إن من فتنة الدّجال أنه لا يترك بلداً إلا ويدخلها، فيقول ابن كثير رضي الله عنه: وممّا أقدره الله عليه سرعة التنقل في الأرض لتعم فتنتهُ، فهو يجوب الأرض كلها بسرعةً عظيمة في أربعين يوماً، يأخذ البلاد بلداً بلداً، وإقليماً إقليماً، وحصناً حصناً.
ففي صحيح مسلم في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنه أن الدجال قال لتميم رضي الله عنه:” وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة”. والدجال لا يترك أرضاً إلا وطئها، إلا مكة والمدينة، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” ليس من بلد إلا سيطؤه الدّجال، إلا مكة والمدينة” صحيح الجامع.
وفي رواية أخرى عند أبي ماجه وابن خزيمة والحاكم عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه، وظهر عليه، إلا مكة والمدينة، لا يأتيهما من نقب من أنقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته”. صحيح الجامع.
فالسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يستطيع الدّجال أن يطأ جميع الأرض في هذه المدة اليسيرة، والجواب ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه:”يخرُجُ ما بينَ الشَّامِ والعِراق، فعاثَ يمينًا وَ شمالًا، يا عباد اللَّه فاثبُتوا قُلنا: يا رسول اللَّه وما لبثُه في الأرض؟ قال: أربعين يوماً، يومٌ كَسنة، ويومٌ كشَهْر، ويومٌ كجمعة، وسائرُ أيَّامِه كأيَّامكُم قال: قلنا: يا رسولَ اللَّهِ أرأيت اليوم الذي كالسَّنةِ أتَكفينا في صلاةُ يوم؟ قال: لا، ولكن اقدُروا له. قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ فما سرعتُهُ في الأرض؟ قال: كالغيثِ استدبرتهُ الرِّيحُ فيأتي القومَ فيدعوهُم فيكذِّبونَه ويردُون عليه قولَهُ فينصَرِفُ عنهُم فتتبعُهُ أموالُهم فيصبِحونَ ليسَ بأيديهِم شيء. ثم يأتي القومَ فيدعوهُم فيستجيبونَ له ويصدِّقونَهُ ، فيأمرُ السَّماء أن تُمْطِر، فتُنبت، فتروحُ عليهم سارحتُهم كأطوَل ما كانَت ذرًى، وأمدَّهُ خواصر، وأدرَّهُ ضروعاً، ثم يأتي الخَربةِ فيقولُ لَها: أخرِجي كنوزَكِ فينصرِف منها فتتبعهُ كنوزُها كيعاسيب النَّحل، ثم يدعو رجلًا شابا ممتلئًا شبابًا فيضربُهُ بالسَّيفِ فيقطعُهُ جزلتينِ، ثمَّ يدعوهُ فيقبل يتَهَلَّل وجهُه يضحَكُ ، فبينما هوَ كذلِكَ إذ هبطَ عيسى بنَ مريمَ بشرقيِّ دمشقَ عندَ المنارةِ البيضاءِ بين مَهرودتينِ ، قال : ويمرُّ واضعًا يدَه على أجنحةِ ملَكَينِ ، إذ طَأطأَ رأسَهُ قطر، وإذا رفَعهُ تحدَّرَ منه جمانٌ كاللُّؤلؤِ… إلى آخر الحديث”.


شارك المقالة: