تعريف الأذان في الصلاة:
الأذان في اللغة: وهو الإعلام، في قول الله تعالى: “وأذّانٌ من الله ورسولهِ إلى الناس” التوبة:9. ويأتي بمعنى الإعلام. وهناك قول الله تعالى أيضاً: “وأذّن في الناس بالحجّ” الحجّ:22. وهنا جاءت بمعنى أعلمهم. أما الأذان في الاصطلاح الشرعي: وهو قولٌ مخصوص يعلمُ به وقت الصلاة المفروضةِ. أو هو الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.
مشروعية الأذان:
دل القرآن والسنة والإجماع على شرعية الأذان؛ لأن فيه فضلاً كثيراً وأجراً عظيماً. والدليل من القرآن هو قوله تعالى: “وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ” المائدة:58.
أما من السنة فهناك أحاديث كثيرة، منها خبر الصحيحين: “إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمّكم أكبركم”، رواية عن مالك. ودل حديث عبد الله بن زيد على كيفية الأذان المعروف بالرؤيا التي أيده فيها عمر بن الخطاب في حديث طويل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: “إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فإنه أندى صوتاً منك” رواه أحمد وأبو داود.
وليس مستند الأذان هو الرؤيا فقط، بل وافقها نزولُ الوحي، فقد روى البزار: أن النبي صلّى الله عليه وسلم أُري ليلة الإسراء، وأسمعه مشاهدة فوق سبع سموات، ثم قدّمه جبريل، فأمَّ أهل السماء، وفيهم آدم ونوح عليهم أفضل الصلاة والسلام، فأكمل له الله الشرف على أهل السموات والأرض، لكنه حديث غريب، والخبر الصحيح أن بدء الأذان كان بالمدينة كما أخرجه مسلم عن ابن عمر . وعلى هذا كانت رؤيا الأذان في السنة الأولى من الهجرة، وأيده النبي صلّى الله عليه وسلم.
وفي الأذان ثواب كبير، بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم: “لو يعلمُ الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يَسْتهموا عليه، لا ستهموا عليه” متفق عليه. وقوله عليه الصلاة السلام: “إذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة” أخرجه البخاري.
وهناك دليلٌ آخر من السنة وهو: “المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة” رواه مسلم.
لقد اعتبر الشافعي الأذان مع الإقامة، في الأصح والحنابلةُ أفضل من الإمامة، لقول الله تعالى: “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا” فصلت:33. قالت عائشة: هم المؤذنون، وللأخبار السابقة في فضيلته، ولقوله عليه الصلاة والسلام: “الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين” رواه الشافعي والترمذي وأبو داود. والأمانة أعلى من الضمان، والمغفرة أعلى من الإرشاد، ولم يتوله النبي صلّى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه لضيق وقتهم عنه. وقال الحنفية: الإقامة والإمامة أفضل من الأذان؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم وخلفاءه تولوا الإمامة، ولم يتولوا الأذان.
حكم الأذان:
إنّ حكم الأذان والإقامة عند الجمهور غير الحنابلة ومنهم الخرقي الحنبلي: ويُعتبر سنة مؤكدة للرجال جماعةً في كل مسجدٍ للصلوات الخمس والجمعة، بخلافها، مثل صلاة العيد والكسوف والتراويح وصلاة الجنازة، ويقالُ فيها عند تأديتها جماعة: “الصلاة جامعة” وذلك لما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو وقال: “لما انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، نودي: الصلاة جامعةٌ”.
أما الأذان والإقامة، إنّ المقصود منهما هو الإعلامُ بدخول وقتِ الصلاة المفروضة، والقيام إليها. ولاتُسن للنافلة والمنذورة. ودليلهم على السنية: “لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، لاستهموا عليه”؛ ولأنه صلّى الله عليه وسلم لم يأمر بهما في حديث الأعرابي، مع ذكر الوضوء والاستقبال وأركان الصلاة. وبناء عليه: لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على ترك الأذان إذا قام به غيرهم ولم يضربوا ولم يحبسوا.
لقد قال الشافعيةُ والمالكية بأنهُ يُستحب الإقامة وحدها لا الأذان للمرأة أو جماعة النساء، وذلك منعاً من خوف الفتنةِ برفع المرأة الصوت به. أما رأي الحنفية فهو: إنه تُكره الإقامة كالأذان للنساء؛ لما روي عن أنس وابن عمر من كراهتها لهن، ولأن حلهنّ مبنيٌ على الستر، وحكم رفع الصوت للمرأة حرام.
إنّ من خصائص الإسلام وشعائره الظاهره التي اتفق الفقهاء علىها هي الأذان، ولكن بعضهم اختلفوا في حُكمه، فقيل: إنّ حكم الأذان هو فرضُ كفاية: وهذا مذهب الإمام أحمد واختارهُ شيخ الإسلام ابن تيمية، أما من المعاصرين، وهو مذهب ابن عثيمين رحمه الله.
هناك روايةً عن مالك بن الحويرثِ قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببةً متقاربون فمكثنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقا، فظنّ أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فسألنا عمن تركناه من أهلنا فأخبرناه ، فقال: “ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا عندهم وعلموهم ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكُم أكبرُكم”رواه البخاري.