الإشهاد على الرجعة

اقرأ في هذا المقال


الإشهاد على الرجعة:

الرجعة: فقد عرّف صاحب البدائع من الحنفية بأنّ الرجعة هي استدامة ملك النكاح القائم ومنعه من الزوال.
وعرّفها الدّردير من المالكية: بأنها عود الزوجة المطلقّة للعصمة من غير تجديد عقد. عرفها الشربيني الخطيب من الشافعية بقوله: ردّ المرأة إلى النكاح من طلاقٍ غير بائن في العدّة على وجه مخصوص.

انقسم الفقهاء حول اعتبار الإشهاد على الرجعة شرطاً لصحتها إلى مذهبين، جمهورٌ يرى إنها مستحبّة وليست بشرط، ومذهب آخر يرى وجوبها ومن ثم تشريطها، سنخصص لكل مذهب فرعاً خاصاً به.

مذهب مستحبي الإشهاد:

ذهب الحنفية، المالكية، الجعفرية، الجديد من مذهب الشافعية وإحدى الروايتين عن أحمد، على أنّ الإشهاد على الرجعة مستحبّ، وهذا القول مروي عن ابن مسعود وعمار بن ياسر رضي الله عنهما، فمن راجع امرأته ولم يشهد صحت الرجعة؛ لأن الإشهاد مستحب، وحجتهم على هذا القول هي:
1. الرجعة مثل النكاح من حيث كونها امتداداً له، من المتفق عليه إنّ استدامة النكاح لا تلزمها شهادة، فكذا الرجعة لا تجب فيها الشهادة.
2. الرجعة حق من حقوق الزوج، هي لا تحتاج لقبول المرأة، لذلك لا تشترط الشهادة لصحتها؛ لأنّ الزوج قد استعمل خالص حقه، الحق إذا لم يحتج إلى قبول أو وليّ فلا تكون الشهادة شرطاً في صحته.
3. ودليل الحنفية إطلاق النصوص في الرجعة كقول الله تعالى:” الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ البقرة:229. وقوله تعالى:”فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ“البقرة:230.
فجميع هذه النصوص ساكتة على قيد الإشهاد فاشتراطه إثباتٌ بلا دليل، أما قوله تعالى:” وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ
الطلاق:2. فليس عليه بدليل إذا الأمر فيه للندب بدليل إنه قرن الرجعة بالمفارقة، في قوله تعالى:”فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ” الطلاق:2. ثم أمر بالإشهاد على كل منهما، فقد أمر بشيئين في جملتين ثم أمر بالإشهاد على كل منهما بلفظ واحد، وهو قوله:” وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ“الطلاق:2.
واللفظ الواحد لا يراد به معناه الحقيقي كالوجوب فيما نحن فيه والمجازي كالندب، فإذا ثبت إرادة أحدهما بالنسبة إلى أحدهما لزم أن يُراد به ذلك أيضاً بالنسبة إلى الآخر، إلا لزمَ تعميم اللفظ في الحقيقي والمجازي وهو ممنوع. فقد ثبتت إرادة الندب به بالنسبة إلى المقارنة فلزم إرادته أيضاً بالنسبة إلى المراجعة فيكون الندب المراد به شاملاً لهما.

مذهب موجبي الإشهاد:

ذهب الشافعي في التقديم من المذهب وأحمد في الرواية الثانية، ابن حزم، بأنّ الإشهاد على الرجعة واجب وإنه شرطٌ لصحة الرجعة، استدل أصحاب هذا المذهب بالأدلة التالية:
1. قال الله تعالى:”وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ” الطلاق:2. قال ابن جريح كان عطاء يقول: لا يجوز في نكاحٍ ولا طلاق ولا إرجاع إلا شاهدَ عدلٍ كما قال عز وجل، إلا أن يكون من عذر، وممّا يشهد لهذا التفسير بالمأثور ويدعمه ويقويه قوله تعالى:” ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا” الطلاق:2. أيّ هذا الذي أمرناكم به من الإشهاد، إقامة الشهادة إنما يأتمر به من يؤمن بالله واليوم الآخر.
2. الأثر المروي عن عمران بن حصين رضي الله عنه، فقد سأله رجل عمّن طلّق امرأته طلاقاً رجعياً، ثم وقع بها ولم يشهد، فقال: طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على ذلك ولا تعد.
3. ولأنّ الرجعة استباحة بضع محرم فيلزمه الإشهاد قياساً على النكاح.


شارك المقالة: