ماذا يعني الترسل في الأذان والحدر في الإقامة؟

اقرأ في هذا المقال


الترسل في الأذان والحدر في الإقامة:

الترسُل: يأتي بمعنى السكينة والتمهُل وعدم العجلة. ترسّل الرجل في كلامهِ ومشيهِ: إذا لم يعجل، ويروى كما في سنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه: “كان في كلام النبي عليه الصلاة والسلام ترسيل” أبو داود. وفي حديث صفية في الصحيحين، قال النبي عليه الصلاة والسلام: “على رِسلِكُما”، أي لا تعجلا. والمقصود به هنا التمهل في تحقيق ألفاظ الأذان من غير عجلةٍ.

والحدرُ: ضِدّ الصعود، وهو الهُبوط. والمُنحدر من عُلّو يسرع في مشيتهِ، وحدرَ القارئ في قراءته وفي أذانهِ يحدرُ حدراً؛ أي أسرع، ويأتي بلفظ الحذم والحذف، والمعنى واحد في هذا الباب. والترسلُ من سنن الأذان، والحدر من سنن الإقامة بالاتفاق. حكى الاتفاق غير واحد من العلماء.

لما روى الترمذي في سننه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لبلال: “يا بلالُ، إذا أذنت، فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدُر” وأعلّه الترمذي والبيهقي، ففي إسناده جهالةٌ. وفي سنن الدار قطني من حديث عليّ رضي الله عنه أنه قال: “كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأمرنا أن نُرتل الأذان ونحذفُ الإقامة”. وفيه عمر بن شمر وهو منكر الحديث. وقد روى الدار قطني أيضاً أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لمؤذن بيت المقدس أبي الزبير: “إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذِم ولا يصح”.

والأولى أن يقف المؤذن عند آخر كل جملة من أذانه من غير تحريك لآخرها، ليتحقق الترسُلُ في الأذان. وأما ما يذكره بعض الفقهاء، ويسندونه إلى النبي عليه الصلاة والسلام: “الأذان جزم والإقامة جزم” فلا أصل له، ولا تجوز نسبته إليه.

قال ابن قدامة في كتابه موضحاً ومبيناً لقول الخرقي:ويترسل في الأذان ويحدرُ الإقامة: الترسلُ والتمهل والتأني من قولهم جاء فلان على رسله، والحدر ضد ذلك وهو الإسراعً وقطع التطويل وهذا من آداب الآذان ومستحباته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر”. رواه أبو داود والترمذي، وقال: إنّ هذا حديث غريب. وروى أبو عبيد بإسناده عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لمؤذن بيت المقدس: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم، ولأن هذا معنى يحصل به الفرق بين الأذانِ والإقامة فاستحب مثل الإفراد، ولأن الأذانُ هو إعلامُ الغائبين والتثبيت فيه أبلغ في الإعلام، والإقامةُ إعلامُ الحاضرين فلا حاجة إلى التثبت فيها.

تعددُ المؤذنين في المسجد الواحد:

اتفق العلماء على أنه يجوز أن يكون في المسجد الواحد أكثر من مؤذن يتقاسمون الأوقات والصلوات بينهم، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان له مؤذنان، بلال وابن أمّ مكتوم رضي الله عنهما، وقد رُوي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان أربعة مؤذنين.

وإذا استدعى الأمر  إلى أكثر من ذلك فقد يكون مشروعاً، إلا أن بعض فقهاء الشافعية يرى عدم الزيادة على أربعة، وقد ردّ هذا القول النووي وغيره. قال النووي: “أنه أنكر المحققون هذا، وقالوا: إنما الضبط بالحاجة ورؤية المصلة؛ وذلك لأنه إذا جازت الزيادة على ما كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاجة، فالزيادةُ على ما كان في زمن عثمان للحاجة أولى”.

إن كان أكثر من مؤذن في المسجد الواحد فكيف يكون أذانهم: إذا كان الواحد يُسمع الناس، فالمستحبُ أن يؤذن مؤذنٌ واحد، وذلك لعدة أمور وهي: أن مؤذّني النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أحدهما يؤذن بعد الآخر. وأن ذلك أيضاً أبلغ  أن ذلك أبلغ في الإعلام. وأن فيه فائدةُ إدراكُ حكاية المؤذن الثاني لمن فاته الأول، فيحصلُ له الأجر.


شارك المقالة: