ماذا يعني الشجاج في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


الشجاج:

الشجاجُ: جمع شجة، وتعرف الشجّة: بأنها الجرج الذي يكون في الرأس أو في الوجه، هذا على اختلاف الفقهاء فيرى أبو حنيفة أن الشجاج لا تكون إلا في الرأسِ والوجه وفي المواضع التي يوجد بها العظم، مثل الجبهة والوجنتين والصدغين والذقن بدون الخدين، وأيضاً شجة الأمة لا تكون إلا في الرأس والوجه وفي الموضع الذي تتخلص منه إلى الدماغ.
أما مالك والشافعي وأحمد وآخرون قالوا أن ما كان في الوجه والرأس مطلقاً، فيُعتبر من الشجاج. ويرى البعض أن هذا الجراحات تُثبت في كل البدن، مع أن الجمهور على أن ما كان فيما عدا الرأس والوجه، وهذا يسمّى جراحةً لا شجة.

القصاص في الشجاج:

لا خلاف بين الفقهاء في أن في الموضحة القصاص لقوله تعالى: “والجُروحُ قصاص” المائدة:45. وهي جرح؛ لأن لها حداً مضبوطاً تنتهي إليه، فيمكن استيفاء المثل، وذلك لوجودِ حدّ تقف عنده الآلة المستعملة في القصاص، وهو العظم.
وما بعد الموضحة في الشجاج لا خلاف بين جمهور الفقهاء، كذلك في أنه لا قصاص فيها؛ لأنها عبارةٌ عن كسر عظمٍ، والعظم لا قصاص فيه؛ وذلك لعدم إمكان اسيفاءِ المثل، إذ إن الهامشة تهمش العظم، والمنقلة تنقله من مكانه بعد همشه، والآمةِ لا يؤمن في القصاص منها أن تصل السكين إلى المخ، وتؤدي بها إلى ضياع النفس، أو الزيادة في القصاص عما كان بالجناية، وكذلك الشأن في الدامغة.
أما ما قبل الموضحة من الشجاج فهو محل اختلاف، يرى الإمام مالك القصاص فيها جميعاً لإمكان الإستيفاءِ. أما أبو حنيفة في روايةً للحسن عنه، يرى القصاص في الموضحة والسمحاق، إذا أمكن القصاص في السمحاق. وفي ظاهر الرواية يجب القصاص فيما دون الموضحة؛ لأنه يمكن اعتبار المساواة فيه، وقد ذكر محمد في الأصل أن القصاص واجبٌ في الموضحة والسمحاق والباضعة والدامية؛ لأن استيفاء مثل الجراحة بالقصاص ممكن بقياسها طولاً وعرضاً.
ويرى الشافعية وأحمد فيما قبل الموضحة من الشجاج أنه لا قصاص فيها، لأنها جراحات لا تنتهي إلى عظم، فليس لها حدٌ معلوم يؤمن معه الحيف، والظلم في القصاص. أما القول بإمكان قياس الجراحة طولاً وعُرضاً، فإنه لا يمنع الحيف، فقد يؤدي إلى أن يقتص من الباضعة أو السمحاق موضحة، أو من السمحاق موضحة؛ لأن الشاج لحم المشجوج قد يكون كثيراً بحيث يكون عمقِ الباضعة كعمق موضحة الشاج أو سُمحاقة.
وفيما بعد الموضحة من الشجاج، ولو أنهما لا يريان القصاص لتعذر استيفاء المثل كما يقول غيرهما من الفقهاء، لكنهما يريان أن للمجني عليه الحق في أن يقتص باسيفاءٍ موضحة؛ لأن ما فوقها يزيد عليها، فإذا اقتص موضحة فقد أخذ بعض حقه.

الأرش في الشجاج:

الأرش في الشجاج، وهو إن لم يكن القصاصُ ممكناً في العمد، أو كانت الجريمة خطأً، توجب الأرش، وهو قد يكون مقدراً وقد لا يكون مقدراً. ومن المتفق عليه أن الشجاج التي قبل الموضحة ليس فيها أرشٌ مقدر. ولو أن هناك رواية عن أحمد بأن في الدامية بعيراً، وفي الباضعة بعيرين، وفي المتلاحمة ثلاثة، وفي السمحاق أربعة وسندُ هذه الرواية أن زيد بن ثابت قال بها، ولكن هذا الرأي ليس هو المذهب. أما الموضحة، وما بعدها ففيها أروش مقدرةً.
في الموضحة: يجب أرش مُقدّر، وهو خمسٌ من الإبل، ويستوي في ذلك أرش الموضحة التي بالرأس أو بالوجه لدى جمهور الفقهاء. ولكن هناك رأياً مخالفاً، مقتضاه أن أرش موضحةَ الوجه مضاعف؛ لأن شيئها أكثر ولأنها ظاهرةً لا يسترها الشعر، كما في موضحة الرأس ولا يجب مع أرش الموضحة المقدر شيء عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد، ولكن المشهور عن مالك أن موضحة الرأس أو الوجه إذا برئت على شين تؤخذ من الجاني حكومة تقابل الشين، علاوة على الأرش المقدر.
أما الهامشة: وديتها عشرةً من الإبل، وهذا التقدير لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا لم يرد عنه تقدير لأرشِ الهاشمة، لكنه مروي عن زيد بن ثابت. وهذه الشجة في الرأس أو الوجه خاصةً عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد، أما مالك فلا يرى الهامشة إلا في جراح البدن، ويضع بدلاً منها المنقلة في الوجه والرأس.
أما في المنقلة: فديتها، خمسة عشر من الإبل، وهو مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام في كتاب عمرو بن حزم.
أما الآمة: فالآمةُ لها ثُلث الدية، وهو مروي أيضاً في كتاب عمرو بن حزم، عن النبي عليه الصلاة والسلام كما روي عن عكرمة بن خالد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قضى في الآمة بثلثِ الدّية.
وفي الدامغة: إن دية الدامغة هي ثُلث الدية، ويرى بعض الشافعية والحنابلة أنه يجب، ثلث الدية لمساواتها بالآمة، وتجب كذلك فيها حكومة فيما زاد منها عن الآمة، إذ تزيد عنها خرق جلدة الدماغ.
ومن الواضح فقد تعرفنا على أن أبا حنيفة يقول بأن الموضحة والهاشمة والمنقلة والآمة، إن يرى منها المجني عليه دون أن يتخلف عنها أرش فلا يجب فيها شيء، أما أبو يوسف فيقول فيها بوجوب الحكومة، أي الأرش غير مقدر، وقال في ذلك محمد بأجرة الطبيب.


شارك المقالة: