مصرع النظرية الدارونية في قصة آدم عليه السلام:
يقول دارون: “إنّ الإنسان قد تطور من سلالات حيوانية سبقته، كانت القرود آخرها، حيث يقول: حسبكم أن تدرسوا الطريقة التي تنشيء بها الإنسان صوراً جديدة من الكائنات الحية في عالم اليوم، فيكون لكم من هذا تفسير معقول للطريقة التي بلغت بها الأرض في غضون تاريخها الماضي والطويل، هذا التعدد العظيم في نباتها وحيوانها وإنسانها ولغاتها البشرية”.
إنه يعتقد أن الإنسان قد بدأت حياته بجرثومة صغيرة ظهرت على سطح الماء، ثم تحولت إلى حيوان صغير، ثم تدرج هذا الحيوان في التطور حتى أصبح ضفدعة، ثم تطور سمكة، ثم تطورت السمكة فأصبحت قرداً، ثم ترقي القرد وأصبح يتطور وتتغير ملامحه حتى أصبح إنساناً، هذا التطور الحيواني الذي نادى به دارون، فإن كان كلامه مجرد فرضية علمية فمكانها المعامل والمختبرات، وأما إذا طرحت هذه النظرية نفسها بديلاً عن الخلق المباشر الذي جاء من الله ففي هذه الحالة لا بدّ من الرد عليها وتفويض أركانها وبعثرة دلالاتها، ونسفها بأدلة قاطعة من العقل والنقل.
الأدلة على مصرع النظرية الداروينية:
هناك أدلة على مصرع النظرية الداروينية من القرآن والسنة والكتاب المقدس:
- الأدلة من القرآن:
إنّ قصة آدم في القرآن الكريم تقرر أن الله خلق آدم من طين ونفخ فيه من روحه، وهذه الآيات قطعية الدلالة فلا مجال لتأويِلها من أجل نظرية فرضية مشكوك فيها، يقول الصابوني: إننا نحن المسلمون نعتقد بأن كل ما خالف القرآن الكريم المقطوع بصحته وصدقة فإنه باطلٌ مردود على قائله، ولا يمكن أن يقبله مسلم مهما كان حال قاتله قائله، ومهما بلغ من الرقي والعلم فكيف بهذه النظرية الخرقاء التي لا تستند على دليل على دليل أو برهان. فقال تعالى: “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” التين:4.، أي على أحسن صورة وأبهى آية كما هو الآن، فالله يخبرنا أن بداية خلق الإنسان كان على أحسن صورة وليس كما يدعي دارون، ويقول رب العزة، “إذا قال ربك للملائكة إنّي خالقٌ بشراً من طين فإذا سويته ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين” ص:71-72. وقال تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم” الإسراء:70. فالله كرم آدم بأن خلقه بشراً سوياً من طين وكرمه بنفخِ الروح وبسجودِ الملائكة وبإسكانهِ الجنة، وليس إكرامه بتطوره من حيوانات مسخه تطورت من نوع إلى نوع حتى وصلت إلى الإنسان، فالآيات ذاتُ دلالة دامغة على بطلان هذه النظرية. - الأدلة من السنة الشريفة:
لقد جاءت السنة مؤكدة لما جاء في القرآن الكريم، إذ أنّ آدم عندما خلقه الله على صورته كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: “خلق الله آدم على صورته” صحيح مسلم. فقد خُلق آدم على صورته ذاتها التي استمر عليها وعُرف بها، أي أنه لم ينشأ منتقلاً من شكلٍ إلى آخر خلال تاريخه كله أو من فصيلةٍ إلى أخرى، بل إنّ آدم كما هو على صورته منذ خلقهُ الله تعالى.
يقول ابن حجر في الفتح: إنّ آدم خلقهُ الله على صورته التي استمر عليها إلى أن أُهبط وإلى أن مات وذلك دفعاً لتوهم من يظن أنه لما كان في الجنة كان على صفةٍ أخرى أو ابتداء خلقه كما وُجد ولم ينتقل في النشأة كما ينتقل ولدهُ من حال إلى حال. - الأدلة من الكتاب المقدس:
جاء في الكتاب المقدس في سفر التكوين: وقال الله نعملُ الإنسان على صورتنا كشبهنا. ولاشك أن الإنسان خلق بعدما تم خلقٌ خلقُ السماوات والأرض خُلق في أحسن تقويم، وهيأ الله له الجو المناسب لظهور الحياة، وأمده بكل شيءٍ يؤدي إلى راحته وسعادتهِ، خلقه إنسناً سامياً في طبيعته، وهو تاج الخليقة، وهو الخليقة وهو النبي الأول، فكان حقاً على الله أن يكون خليقتهِ وأنبياؤهُ في أحسن تقويم وأبهى صورة فتبارك الله أحسن الخالقين. - الأدلة من العلم:
لقد ألف عشرات العلماء مئات من الكتبِ والتقارير والنشراتِ حول بطلان نظرية دارون علمياً وعقلياً، وقد توصلوا بجهودهم العلمية إلى نسف النظرية من أساسها وفوضوا أركانها ودعائمها مستندين في ذلك على العلم الحديث، كعلمِ الوراثة والجيولوجيا وغيرهما، مستخلصينَ عشراتِ الأدلة على بطلانها، وقد اخترنا بعضها على سبيل التدليل:
– لقد أشار بعضُ العلماء إلى أنّ دارون نفسه في كتابه أصلُ الأنواع أقر بوجود ثغراتٍ كثيرة ومشكلات كبيرة ومعقدة في نظريته، منها على سبيل المثال أنه عثرَ على هياكل حيوانات تعودُ إلى ما قبل العصر الجليدي تشبهُ هياكل لحيوانات مماثلة لا تزال موجودة إلى عصرنا الحاضر.
– أثبت العلم الحديث أن لكل نوع من الأحياء خارطةً وراثيةً ثابتة لا تتغير مهما تطاول الزمن، وبذلك يحافظ كل صنفٍ على استقلاليته وخصائصه، فلا ينشأ من تكاثره مع صنفه أو صنف مغاير له في خارطةَ المورثات صنف جديد، فلا تلد القرود إنساناً ولا يلدُ الإنسانُ قرداً أبداً. فعلمُ الوراثة الحديث قد هدم كل أساس لهذه النظرية، فقد أصبح من الثابت أن الأصول تورث الفروع المتفرعة عنها كل ما تحمل من خصائص بواسطة الكروموزومات، ولا نجد بين أجناس المخلوقات اتفاقاً في الخصائص الموروثة، بل أننا نجد بينهما تبايناً ظاهراً واختلافاً حتى في عدد الكروموزومات وعددها.
– إن من بعض المُكتشفات التي عَثر عليها الجيولوجيون تنقضُ نظرية دارون من أساسها، فقد زعم دارون بأنّ الأحياء البسيطة التي تطور منها الإنسان يُعثرُ عليها في الطبقات السفلى من الأرض دائماً، بينما أثبتت الحفريات غير ذلك، فقد وجِد من الهياكل والصور الحية المستخرجة من باطن الأرض أحياء أعقدُ تركيباً وأرقى مما فوقها من الأحياء.
– ولقد زعم دارون بأن الإنسان متسلسل من سلالات حيوانية وأنّ الإنسان قد أخذ صورته منذُ مليون سنة، ولكن علم المستحدثات هنا لا يُثبيت ذلك الزعم، إذ لم يعثر على السلاسل المزعومة التي تَسلسل منها الإنسان، فهناك حلقاتٌ كثيرة مفقودةً بين الإنسان والغوريلا أو الشِمبانزي الذي يتوهم تسلسل الإنسان منه، فالحكم بانحدار الإنسان من القرود تعسف لا تحتمله نتائج البحث العلمي. علاوة ً على وجود اختلافات بين الإنسان والقرد في المظهر والشكل والقامة والملامح والاستعدادات الروحية والعقلية والعاطفية واللغوية.
– لقد عثر بعضُ العلماء في السنوات الأخيرة في البحار القريبة من جزرِ القمر على سمكةٍ كانوا يعتقدون أنها انقرضت منذُ عدة ملايين من السنين، فإن ذلك يؤكدُ بطلان هذه النظرية. وآخرُ ما قال به الصابوني: إذا كانت نظرية التطور صحيحة، فلماذا لم يتطور سائر القرود ويَتمدنوا ونحن نعيش في عصر التطور.