التّلبية:
التّلبية في اللغة: هي الإجابة والطلب، وإجابةُ المنادي، ويقصد بها في الإسلام هي ذِكرُ الله بصوتٍ مرتفعٍ في الحجّ
فيقول” لبيكَ اللهم لبيك، لبيكَ لا سريكَ لكَ لبيك، أنّ الحَمدَ والنِعمةَ لكَ والمُلك.. لا شريكَ لك”.
والتلبيةُ للرجالِ والنساء، ولكن المرأة لا ترفع صوتها إذا خشيت الفتنة، روى أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت:“إني لأعلم كيف كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سمعتها بعد ذلك لبت: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك”حديث صحيح وأصله في البخاري.
ويُسن أن يستقبل الحاجّ القبلة عند التلبية، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما:” أَنَّهُ إِذَا صَلَّى بالْغَدَاةِ بذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَر برَاحِلَتِهِ فَرُحِلَت، ثُمَّ رَكِب، فَإِذَا استَوَت بِهِ استَقبَل القِبْلَة قَائِمًا، ثُم يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الْحْرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه فَعَلَ ذَلِكَ”.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “والتلبية هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حجِّ بيته على لسان خليله إبراهيم عليه السلام، والمُلبّي: هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لبب وأخذ بلبته، والمعنى: إنا مُجيبوكَ لدعوتك مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرة بعد مرة، لا نزال على ذلك، والتلبية شِعارُ الحجّ، فأفضل الحجّ” العجّ والثجّ”، فالعجّ: هو رفع الصوت بالتلبية، والثجّ: هو إراقة دِماء الهديّ”.
ولهذا يُستحبّ رفع الصوت بها للرجل، بحيث لا يجهد نفسه، والمرأة ترفع صوتها بحيث تُسمِع رفيقتها، ويُستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال مثل: أدبار الصلوات، ومثل ما إذا صعد نشزًا، أو هبط واديًا، أو سَمع ملبيًا،
أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نُهي عنه، وقد روي أنه من لبّى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له، وإنّ دعا عُقيب التلبية، وصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، وسأل الله رضوانه والجنة، وإستعاذ برحمته من سخطه والنار؛ فحسن حجّه.
ما حكم التلبية:
التلبية:هي شعارُ الحجّ والعمرة.
ويصوت بها الرجل، وتجهر بها المرأة إلا عند الرجال الأجانب فتسر بها. ويسنّ الإكثار من التلبية من حين الإحرام إلى بداية طواف العمرة، وإلى رمي جمرة العقبة في الحج يوم العيد، ويلبّي راكباً وماشياً، وفي حال النزول والصعود، وعلى كل حال والدليل على ذلك:
1- عَن عَبدِالله بنِ عمرَ رضِيَ الله عَنهما أن تَلبِية رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم:“لَبَّيْكَ اللهمَّ! لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ”متفق عليه.
2- وعنِ ابنِ عباسٍ رَضِي الله عَنهما أنَّ أسامة رضِيَ الله عَنه،” كَانَ رِدفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِن عَرفةَ إِلَى المزدَلِفةِ، ثم أرْدَفَ الفَضل مِنَ المزدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قال: فَكِلاهما قال: لَم يَزَلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ” متفق عليه.
ما فضل التّلبية:
عَن سَهلِ بن سَعد رضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَال رَسول الله صلى الله عليه وسلم:“مَا مِن مسلِم يلَبي إِلاَّ يلَبى مَن عَن يمينِهِ أَوْ عَن شِمَالِهِ مِن حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَو مَدر حَتى تَنقَطِعَ الأَرض مِن هاهنَا وهاهنا”. أخرجه الترمذي وابن ماجه.
ولذا قال العلماء: يُستحب الإكثار من التلبية، والإتيان بها عند الإنتقال من حالٍ إلى حال، فيلبي عُقب صلاة الفرض وكلما إرتفع فوق مكان عالٍ، أو هبط إلى وادٍ، أو لقيَ ركباً، أو دخل في وقت السَحر. ويُجهر بالتلبية كما سبق ولو كان في مسجد، وإذا أعجبه شيٌء قال:”لبيك إن العيش عيش الآخرة”.
ما صفة التّلبية:
يُسن للمُحرم عقب الإحرام، أنّ يُلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم؛ لملازمته لها في جميع نُسكهِ من حجٍّ أو عمرة.
والدليل على ذلك:
1- عَن ابنِ عمر رضي الله عَنهما قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهِل مُلَبِّداً، يَقُول:“لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ». لا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ”متفق عليه.
2- وَعَن أَبي هرَيرة رضِيَ الله عَنه قَالَ: كَان مِن تَلبيَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم “لَبَّيْكَ إِلَهَ الحَقِّ”. أخرجه النسائي وابن ماجه.