ماهي معجزات موسى عليه السلام التسع؟

اقرأ في هذا المقال


معجزات موسى عليه السلام التسع:

يقول الله تعالى: “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا” الإسراء:101. الكفار طلبوا من الرسول صلّى الله عليه السلام بعض الآيات والمعجزات مثل: أن يفجر لهم من الأرض ينبوعاً، وأن يكون له بيتٌ من زخرف، وأن تكون له جنةً من نخيل وأعناب. وغير ذلك، فالحق سبحانه وتعالى بيّن لهم أن غيره طلبوه آيات وجاءتهم، ومع ذلك كفروا؛ لأن المسألة كلها تعنت وتهرب، فالله تعالى أتى موسى عليه السلام تسع آيات واضحات مشهورة؛ لأنها كلها كانت على مشهد من الناس ورأوها ومع ذلك لم يؤمنوا.
من هذه الآيات: الحية التي انقلبت عصا، ويده يدخلها في جيبه تخرج بيضاء، وأخذ الله تعالى آل فرعون بالسّنين ونقص الأموال والثمرات، فكذبوا فابتلاهم الله بعذاب الطوفان والجراد والقُمل والضفادع والدم، وهذه تسع آياتِ. بعض المفسرين يقولون: نبي الله موسى جاء بآياتٍ كثيرة وليس تسعاً فقط، وذلك مثل الحجر الذي ضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وعملية نتق الجبل فوقهم كأنه ظُلّة والمنّ والسلوى كل هذه آيات أنزلها الله لنبيه موسى عليه السلام. وهنا علينا أن نفهم نص الله تعالى حينما يقول: “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ” وهي الآيات الخاصة بفرعون. وقال أيضاً: “فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا” الإسراء:101.

كيف يكون السؤال لبني إسرائيل الذين جاءهم بالبينات؟

إنّ السؤال لبني إسرائيل الذين جاءهم موسى بالبينات كان متعذراً؛ لأنهم ماتوا والموجودين ذريتهم، ولكن السؤال لهؤلاء هو عين السؤال لذريتهم الذين تناقلوها فيما بينهم إلى أن وصلت إليهم، كما قال اللهُ مخاطباً بني إسرائيل المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ” البقرة:49.
إنّ هؤلاء اليهود لم يشهود هذه الأحداث ولكنها وقعت لآبائهم وأجدادهم، لولا أن الله نجى آبائهم نجاةً لهم. لماذا يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني إسرائيل؛ لأنهم الأمة التي لها علاقة بوحي الله ولها اتصال بالرسل، واتصالاً بالكتب المنزلةِ على الرسل، مثل التوراة والإنجيل، ولكن مشركي قريش ليس لهم صلةً بذلك.
إنّ موسى عليه السلام رغم كلّ هذه الآيات التي جاء بها، قال له فرعون: “إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا” الإسراء:10. وكلمة “مسحور” هل هو الساحر أم سحرهُ غيره؟ قالوا: هناك اسم مفعول ويرد بمعنى اسم الفاعل لحكمة، مثل قوله تعالى: “وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا” الإسراء:45. فهل الحجاب ساتراً أم مستوراً؟ لقد قال العلماء إن المعنى حجاب ساتر فقط، ولكن اسم المفعول جاء بمعنى اسم الفاعل؛ لأن الله يؤكد الستر فيقول: إنّ الحجاب ليس ساتراً فقط ولكنه مستورٌ أيضاً، فإذا كان الحجاب نفسه مستوراً فمعنى ذلك أن الستر أحكم. مثل “الضل الضليل”. أي المضلل؛ لأنه ظل مركب فكأن الضل مضلل وكلمة المسحور بمعنى المخبول أي أثر فيه السحر فصار مخبولاً مجنوناً، وهذه الكلمة قالها الكفار لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قال تعالى: “وقالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا” الفرقان:8. ونفس الكلمات قالها فرعون لموسى عليه السلام، فمرةً يقول ساحر، وهذا كلام غير منطقي؛ لأنه إن كان قد سحر الذين آمنوا به فلماذا لم يسحر باقي الكفار وتنتهي المسألة. وإن كان مسحوراً، فالمسحور هو المخبول الذي تتأتى منه حركات دون أن تمر على العقل الواعي الذي يختار بين البدائل، فليس له سيطرة إرادة على نفسه ولا سيطرة خلق، والرسول لم يكن كذلك.

ماذا كان رد موسى عليه السلام على فرعون؟

لقد كان ردّ موسى عليه السلام على فرعون بقوله تعالى: “قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا” الإسراء:102. وكلمة “هؤلاء” تُشير إلى الآيات الكثيرة التي أنزلها الله على موسى؛ لتكون حجةً على فرعون وقومه، فأنت يا فرعون تعلم أن هذه الآيات مُنزلةً من عند الله وأن موسى عليه السلام ليس بساحرٍ أو مجنون، فهو يعلم ذلك في قراره نفسه، فقال تعالى: “وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا” النمل:14. فهو على يقين من صدق موسى، وأن هذه الآيات من عند الله، ولكنه يعلم أنها ستزلزلُ سلطانهُ. ففرعون عليه اتهم موسى عليه السلام بأنه مسحور، وموسى عليه السلام لم يسكتُ على ذلك بل رد عليه بقوله: “وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا“. ولا شك أن المسحور أفضل من المثبور؛ لأن المسحور أو المجنون تصحبهُ حياة وإن كان عقله غائباً، أما المثبور فهو الهالك أو الممنوع عن أي خير.


شارك المقالة: