ما جاء في جوع وأكل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
إنّ لكل شخص منا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد عليه الصلاة والسلام هو المنهج الصحيح في كل شئ، وأنّ كل ما كان يقوم به النبي عليه الصلاة والسلام هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد عليه السلام فمن الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها هي طريقة أكل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي ذات ليلة من الليالي يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بالصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه جالس هو وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه خارج بيوتها، حينها سألهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “ما أخرجكما من بیوتکما هذه الساعة” ؟ عندها أجاباه الصحابيان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم: “الجوع یا رسول الله”، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكم”.
بعد ذلك يأمرهم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يقوموا معه فقاموا معه، بعدها ذهبوا إلى بيت رجل من رجال الأنصار يقال له: ( أبو الهيثم مالك بن التيهان ) لكنّهم لم يجدوه في بيته، فقالت المرأة مخاطبة الرسول الكريم: مرحباً وأهلاً، ثم سألها الرسول الكريم: أين فلان ؟ ( فكان يعني الرسول زوجها أبا الهيثم )، فقالت المرأة: “ذهب يستعذب لنا الماء ( يأتي بالماء الحلو ) “، بعد ذلك يأتي أبو الهيثم بن مالك فينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه الكرام رضوان الله عليهم ويلتزم النبي ويفديه بأبيه وأمه.
بعد ذلك قال أبو الهيثم: “الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني”، بعد ذلك ينطلق أبو الهيثم فيأتي بغصن من نخيل في ذلك الغصن بسر وتمر ورطب (أنواع التمر حين نضجه)، ثم قال أبو الهيثم : كلوا من هذه.
وبعد ذلك ينطلق أبو الهيثم بن مالك ومعه السكين حتى يذبح لهم شاة، فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : إياك والحلوب ( احذر الشاة ذات اللبن )، حينها ما كان من الرسول وصاحباه إلّا أن أكلوا التمر واللحم وشربوا الماء العذب، حتى شبعوا ورووا، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لصاحباه أبي بكر وعمر رضوان الله عليهم: “والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم” الحديث رواه مسلم ومالك والترمذي .
ولم يشبع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من خبز أبداً فقد “حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال: مَا شَبِعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُبْزٍ قَط وَلَحم إِلاَّ عَلى ضفَفَ، وقال مالك بن دينار: سألت رجلا من أهل البادية: ما الضفف؟ فقال: أن يتناول مع الناس”.
وكان من صفات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الأكل أنّه إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث، فقد “حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ”.
وكان من صفات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الأكل أنّه إذا أكل كان يأكل متكئاً، فقد“حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الصُّدَائِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ يَعْنِي الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا أَنَا فَلا آكُلُ مُتَّكِئًا”.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه التي يأكل بهنّ فقد” حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ، الثَّلاثِ وَيَلْعَقُهُنَّ”.
وَيَلْعَقُهُنَّ: (جعله يَلْحَسه بلسانه أو بإصبعه).
وعن الصحابي الجليل أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: “أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ وَهُوَ مُقْعٍ مِنَ الْجُوعِ”.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: ( وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ)…. سورة الضحی، ويعني بذلك “أي أنّك كنت فقيرا ذا عيال ، فأغناك الله عمن سواه “. وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: “إن كنا آل محمد، ليمر بنا الهلال ، ما نوقد نارا ، إنّها هما الأسودان : التمر والماء ، إلّا أنّه كان حولنا أهل دور من الأنصار ، يبعثون إلى رسول الله بلبن منائحهم ( النوق أو الأغنام ) فيشرب ويسقينا من ذلك اللبن” .
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي من الجوع فلا يجد من الطعام حتى التمر الردئ لا يجده، فقد قال الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :” لقد رأيت رسول الله، يلتوي من الجوع ، ما يجد ما يملأ من الدقل بطنه”. رواه مسلم
( الدقل : رديء التمر ) .
وعن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، “بخبز شعير وإهالة سنخة ( دهن متغير الرائحة يؤتدم به )، ولقد رهن درعه عند يهودي، فأخذ لأهله شعيرا ،ولقد سمعته ذات يوم يقول : ما أمسى عند آل محمد صاع تمر ، ولا صاع حب “. رواه البخاري .
وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون أي عشاء ، وقد كان أكثر خبزهم من الشعير، وعن أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – قالت: “ما شبع آل محمد ، ، منذ قدموا المدينة – ثلاثة أيام تباعا – من خبز بر ، حتى مضى السبيله ( أي مات ) “.
وقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا الله أن يرزقه قوت يومهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ” . (أي ما يسد الجوع ) .