ما جاء في خلق النبي محمد عليه الصلاة والسلام:
إنّ لكل شخص منا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شيء، وأنّ كل ما كان يقوم به النبي هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد، ومن الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها منه هو خلقه الكريم عليه الصلاة والسلام.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، وكان ذلك المدح الكبير من الله سبحانه وتعالى عندما وصف رسوله الكريم بصاحب الخلق العظيم، وكان عليه الصلاة والسلام سهل الخلق ولم يكن بالفظ ولا الغليظ ولا صاحب صخب أو فحش، ولم يكن بالغياب الذي يتحدث عن الناس في غيابه بالسوء، وكان الرسول محمد لا يذم أي أحد أو يعيبه، وكان احترام الصحابة للرسول محمد غاية في الاحترام والتعامل الخاص الجليل مع أفضل البشر عليه الصلاة والسلام، “فقد حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ زَوْجِ خَدِيجَةَ، وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنٍ لأَبِي هَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبي عَنْ سِيرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِي جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ، وَلا صَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ، وَلا عَيَّابٍ وَلا مُشَاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي، وَلا يُؤْيِسُ مِنْهُ رَاجِيهِ وَلا يُخَيَّبُ فِيهِ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ: الْمِرَاءِ، وَالإِكْثَارِ، وَمَا لا يَعْنِيهِ، وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلاثٍ: كَانَ لا يَذُمُّ أَحَدًا، وَلا يَعِيبُهُ، وَلا يَطْلُبُ عَوْرتَهُ، وَلا يَتَكَلَّمُ إِلا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ، وَإِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا لا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ، وَمَنْ تَكَلَّمَ عِنْدَهُ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ، حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ، وَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ حَاجَةٍ يِطْلُبُهَا فَأَرْفِدُوهُ، وَلا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا مِنْ مُكَافِئٍ وَلا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ”.
وكان من صفاته عليه الصلاة والسلام أنه ما سئل وقال: لا، “فقد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لا”.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خيراً وكان من أجود الناس في الخير، وكان من أجود الناس في العبادة وخاصة في شهر رمضان المبارك، “فقد حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عِمْرَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَأْتِيهِ جِبْرِيلُ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ”.
وكان من صفات الرسول محمد أنّه لا يدخر شيء لليوم التالي، “فقد حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ”.
وكان من المواقف الجميلة في تعامل الرسول محمد مع السائل هو ما روي “عن هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، وَلَكِنِ ابْتَعْ عَلَيَّ، فَإِذَا جَاءَنِي شَيْءٌ قَضَيْتُهُ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ أَعْطَيْتُهُ فَمَّا كَلَّفَكَ اللَّهُ مَا لا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، فكره النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْفِقْ وَلا تَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلالا، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعُرِفَ فِي وَجْهِهِ الْبِشْرَ لِقَوْلِ الأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُ”.
وكان الرسول محمد يرد التعامل الحسن بالأحسن “فقد حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ وَأَجْرٍ زُغْبٍ، فَأَعْطَانِي مِلْءَ كَفِّهِ حُلِيًّا وَذَهَبًا”.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقبل الهدايا، وذلك لما فيها من عادة جميلة تقرب بين الناس وتنشر بينهم المحبة والرأفة والمودة والاحترام الكبير، “فقد حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا”.