ما جاء في عفو النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
إنّ لكلّ شخص منّا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شئ، وأنّ كل ما كان يقوم به النبي عليه الصلاة والسلام هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها منه هو طريقة عفو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
مهما تحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفاته وعن أخلاقه فلن نستطيع أن نعطيه ولو بجزء بسيط من حقه عليه الصلاة والسلام، يكفي أنّه ممدوح من قِبَلِ الواحد الأحد والذي وصفحه بأنّه صاحب خلق عظيم، فالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يملك من الصفات العظيمة والجليلة والكريمة التي جعلت كل من يراه ويجالسه يعشقه، فحتى الصحابة الكرام عجزوا عن وصف خير الخلق والمرسلين من شدة عظمة صفاته وكرمه ومكانته وخلقه الكبير.
العفو لغة: هو التجاوز عن الذنب، وترك العقاب عليه، وأصله المحو والطمس، وكل من استحق عقوبة فتركها فقد عفوت عنه، فقال تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ)صدق الله العظيم- التوبة:43. أي محا الله عنك.
كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يحث الناس على العفو، وخاصة العفو عمَّن يسئ إليك والعفو عند الخصام، فعدم المكافأة والصبر والاحتمال أفضل، من المواقف الجميلة جداً التي تتعلق بالعفو عند النبي هو ما روي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه: “أنّ رجلاً شتم سيدنا أبا بكر الصديق، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس يتعجب ويبتسم، فلما أكثر رد عليه أبو بكر الصديق بعض قوله، عندها غضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام، حينها لحقه أبو بكر الصديق، فقال أبو بكر الصديق للنبي محمد: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددتُ عليه بعض قوله غضبتَ وقمتَ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان معك مَلَك يردُّ عليه، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان (أي حضر)، فقال الرسول محمد يا أبا بكر: ثلاثٌ كلهنَّ حق: ما من عبد ظُلم بمَظلمة، فَيُغْضِي(يعفو عنها.) عنها لله عز وجل، إلّا أعزَّ اللهُ بها نَصْرَهُ، وما فتح رجل باب عطية (أي: باب صدقة يعطيها لغيره) يريد بها صلة إلّا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة (أي: يسأل الناس المال) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة)”. رواه أحمد وحسّنه الألباني في المشكاة رقم (5102).
وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “المُسْتَبّان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعْتَدِ المظلوم”. رواه مسلم.
فدَلَّ ذلك الحديث النبوي الشريف على جواز مجازاة من ابتدأ الإنسان بالأذية أو السبّ بمثله، وأنّ كل إثم هذا يعود على البادئ بالأذية، لأنّ البادئ هو المتسبب بكل ما قاله ذلك المجيب، إلّا أن يعتدي ذلك المجيب في أذيته بالكلام والسب، فيختص بذلك به إثم عدوانه، لأنّه إنّما أذن له في مثل ما عُوقب به.
وأنّ جزاء السيئة سيئة مثلها ومن يعفو عن من أساء إليه فأجره على الله سبحانه وتعالى، وأجر الله ليس بأي أجر فهو المعطي الكبير، فقال الله سبحانه وتعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)….سورة الشورى: ٤٠.
والله سبحانه وتعالى يبغضُ من كان شديد المِرَاء وهو الذي يحجّ صاحبه، وحقيقة المِراء هي أن يطعنك في كلام غيرك حتى يظهر أي خلل أو عيب فيه، لغير غرض سوى تحقيره وإظهار عيب قائله وأيضاً إظهار مزيتك عليه، فقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “إن أبغض الرجال إلى الله الأَلَدّ الخَصِم” متفق عليه.
فالعفو هو من الصفات الجميلة جداً والتي حثّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على فعلها والتجاوز عن من أساء إليك، فنتائج العفو جميلة جداً فهي تقوي العلاقات بين الناس، وتشعر المسئ بخطئه تجاه من أساء إليه، والعفو والتسامح تديم المحبة بين الناس، وتبعد الحقد والبغضاء عنهم.