ما حكم الشروع في القتل إذا أنتج جريمة أخرى تامة؟

اقرأ في هذا المقال


حكم الشروع في القتل إذا أنتج جريمة أخرى تامة:

عقوبة الشروع: ويعاقب على الشروع دائماً ولا تزيد العقوبة عن نصف الحد الأقصى المقرر للجريمة التامة إلا إذا نص القانون على خلف ذلك، وإذا كانت عقوبة الجريمة التامة هي الإعدام، فتكون عقوبة الشروع هي الحبس الذي لا يزيد على عشر سنوات وتسري على الشروع الأحكام الخاصة بالعقوبات التكميلية المقررة للجريمة التامة.

إذا قصد الجاني القتل، وقام بأعمال تنفيذية لإزهاقِ روح المجني عليه، ولكنَ الجريمة لم تتم كما أراد الجاني، بل تخلف عما قام به من أعمال إصابات في الجسم، كأن يقطع طرفاً من أطراف المجني عليه، أو تحدث به شجة أو جرح، فيجب في مثل هذه الحالات العقوبة أو العقوبات التي سنّتها الشريعة الإسلامية لما حصل من نتائج الاعتداء، فإذا كان القصاص ممكناً، وتوافرت شروطه وجب، ومثل ذلك أن يترتب على الاعتداء فصل عضو من مفصل، أو أن تنتهي الشجة أو الجراح إلى حدّ معلوم يمكن معه القصاص، وإذا لم يكن القصاص ممكناً فيجب الأرش المقدر أو الأرش غير المقدر على حسب الأحوال.
ومع أن هذه الأجزية قد سنّتها الشريعة الإسلامية لجرائم تامة على ما دون النفس، إلا أنها تُعتبر أيضاً أجزية للشروع في القتل اختلفت في نوعها ودرجتها، وذلك تِبعاً للنتيجة التي تمحضُ عنها فعل الشروع في القتل.
هل يجوز التعزير على الشروع في القتل، في مثل الحالات؟ إن الأصل عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد أنهم يكتفون بالدية أو الأرش، إذا لم يكن هناك قصاص، ولكنهم مع ذلك يقولون بالتعزير مع الدية أو الأرش، إذا اقتضت ذلك مصلحة عامة. أما مالك قال بالتعزير مع القصاص ومع الدية أو الأرش.
أما قول مالك يمكن بناء عليه في اعتقادي فضلاً عن الأجزيةِ سالفة الذكر فرضُ عقوبات تعزيرية على الشروع في القتل في مثل الحالات المتقدمة. ويمكن أن تزيد هذه العقوبات على العقوبات التعزيرية التي تفرض في الجرائم التامة التي تقع على ما دون النفس، وذلك مراعاة لقصد القتل نفسه، إذ إن مجرد القصد عن أن نتيجة أغراضهم إلى ارتكاب القتل.

الشروع في الاعتداء على ما دون النفس:

وهذا النوع من الشروع هو الذي يمسّ جسمُ الإنسان ولا يُهلكه. وإن الذي قيل في الشروع في القتل يمكن أن يُقال في الشروع في الجرائم العمدية الأخرى على ما دون النفس، إذ قد يقصد الجاني مثلاً أحداث عامة بالمجني عليه بقطع طرفٍ من أطرافه، أو إذهاب منفعته، ولكن هذا الغرض لا يتحقق لإسعافِ المَجني عليه بالعلاج على سبيل المثال، وذلك ممّا يترتب عليه أن يُلتثم الجرح دون أن يترتب على الجناية ما قصده الجاني، فيكون عقابه هو عقاب الجراحة التي ترتبت على الاعتداء.
وكذلك التعزير الذي يمكن أن يراعي فيه القصد الذي كان عند الجاني في ارتكاب جريمة أخرى، تزيد في خطورتها على الأثر الذي حدث بالجناية. ويدل كلام الفقهاء في المبسوط وغيره على إمكان العقاب على الشروع في جرائم الاعتداء على ما دون النفس، مثل قطع الأطراف أو إذهاب منافعها، أو الشجاج أو الجِراح. وقد يتصور الشروع في مجرد الضرب الذي من شأنه ألا يترك أثراً؛ لأن العقاب أساسه أن الجاني ارتكب ما لا يحل من تخويف غيره، فكل ما فيه تخويف للغير ولو لم تتم الجريمة المقصودة، يُعاقب عليها بالتعزير، ولعل مرد ذلك هو أن الشارع الإسلامي يهدف من تشريعه إلى إيجاد مجتمعٍ مثالي تسودُ فيه المحبة والألفة، وترتفع عنه أسباب البغضاء والحقد والكراهية.


شارك المقالة: