اقرأ في هذا المقال
عدد ركعات التراويح:
إنَّ عدد ركعات صلاة التراويح لم تثبت بعددٍ معين، ولكن ثبت عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنَّهُ صلاها إحدى عشر ركعة كما بينت ذلك أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ حين سُئلتْ عن كيفية صلاة الرسول في رمضان فقالت:(ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثاً)”متفق عليه”، ولكن هذا الفعل منهُ لا يدلُّ على وجوب هذا العدد، فتجوز الزيادة، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ:( لهُ أن يصلي عشرين ركعة، كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي، ولهُ أن يصلي ستا وثلاثين، كما هو مذهب مالك، ولهُ أن يصلي إحدى عشرة ركعة، وثلاث عشرة ركعة).
ثم استمرَّ المسلمون بعد ذلك يصلّون صلاة التراويح، كما صلاها الرسول ــ صلّى الله عليه وسلم ــ وكانوا يصلّونها كيفما اتَّفق لهم، ومنهم يصلي بجمعٍ، ومنهم من يصلي بمفرده، حتى جمعهم عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ على إمام واحدٍ يصلّي بهم التراويح، وكان ذلك أول اجتماع للناس على قارئ واحدٍ في رمضان، وأحصى الحافظ ابن حجر في الفتح عدّة أمثلة وهي:
- إحدى عشرة ركعة مع الوتر.
- ثلاث عشرة ركعة مع الوتر.
- إحدى وعشرون ركعة مع الوتر.
- ثلاث وعشرون ركعة مع الوتر (مثل ما هو الحال في الحرمين الشريفين).
- تسع وثلاثون ركعة مع الوتر.
- إحدى وأربعون ركعة مع الوتر.
- تسع وأربعون ركعة مع الوتر .
وصلاة التراويح في ليالي رمضان سنة مؤكدة؛ لحديث عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت:(صلّى رسول الله في المسجد، فصلى بصلاته أُناس كثيرون، ثمّ صلّى من القابلة؛ فكثروا، ثمّ اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم. فلمّا أصبح قال:( قد رأيت صنيعكم، فما يمنعني من الخروج إليكم إلّا أني خشيت أن تفرض عليكم”، وذلك في رمضان)”متفق عليه”.
وفي بعض البلاد الإسلامية تقليدٌ في استراحة بين ركعات القيام؛ لتلقى موعظة وتذكرة على المصلين ليتفقهوا في أمور دينهم وتذكرة من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وصلاة التراويح ترقى بروحانيات المؤمن وتغيظ الشيطان وحزبه.
ماذا يقرأ في صلاة التراويح:
لم تحدَّد القراءة فيها بحدٍّ معين، فكان السلف الصالح يطيلون فيها، واستحب أهل العلم أن يختم القرآن في قيام رمضان ليسمع الناس كلَّ القرآن في شهر القرآن، وكَرهَ البعض الزيادة على ذلك إلّا إذا تواطأ جماعة على ذلك فلا بأس بهِ.
فقد روى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن الأعرج أنه قال: سمعت أبي يقول: كنَّا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالسحور مخافة الفجر.
وروى مالك أيضاً عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس وكان القارئ يقرأ بالمائتين حتى كنا نعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرِف إلّا في فروع الفجر.
“وروى البيهقي” بإسناده عن أبي عثمان الهندي قال: دعا عمر بن الخطاب بثلاثة قرَّاء فاستقرأهم فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ للناس ثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ خمساً وعشرين آية، وأمر أبطأهم أن يقرأ عشرين آية.
“وقال ابن قدامة”: قال أحمد: يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس، ولا يشق عليهم، ولا سيما في الليالي القصار.
و الأمر على ما يحتملهُ الناس، وقال القاضي أبو يعلى: (لا يستحبّ النقصان عن ختمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة، كراهية المشقة على من خلفهِ والتقدير بحال الناس أولى).
“وقال ابن عبد البر”: (والقراءة في قيام شهر رمضان بعشر من الآيات الطوال، ويزيد في الآيات القصار، ويقرأ السور على نسق المصحف).
هل تقام صلاة التراويح جماعة أم في البيت:
إذا أقيمت صلاة التراويح في جماعة في المساجد، فقد ذهب أهل العلم في ذلك مذاهب:
1. القيام مع الناس أفضل، وهذا مذهب الجمهور، لفعل عمر، ولحرص المسلمين على ذلك طول العصور.
2. القيام في البيوت أفضل، وهو رواية عن مالك وأبي يوسف وبعض الشافعية، لقوله: أفضل صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة.
3. المسألة تختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان حافظاً للقرآن، وذو همَّةٍ على القيام منفرداً، ولا تختلّ الصلاة في المسجد بتخلُّفه، فصلاته في الجماعة والبيت سواء، أمَّا إذا اختلَّ شرط من هذه الشروط، فصلاته مع الجماعة أفضل أجرٍ ممَّن صلّى مع الإمام حتى ينصرف في رمضان.
وليس هناك حدّ لعدد ركعات القيام في رمضان، فللمرء حقٌ أن يقيم صلاته بما شاء، سواء كانت صلاته في جماعة أو في بيته، ولكن يستحب لمن يصلّي مع جماعة المسلمين أن ينصرف مع الإمام ويوترَ معه، لحديث أبي ذر يرفعه إلى النبي:(إنّ القوم إذا صلّوا مع الإمام حتى ينصرف كُتب لهم قيام تلك الليلة).
قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يعجبني أن يصلّي مع الإمام ويوتر معه، قال: وكان أحمد يقوم مع الناس ويوتر معهم.
ومن فاته العشاء، فإذا دخل الإنسان المسجد ووجد الناس قد فرغوا من صلاة العشاء وشرعوا في القيام، صلّى العشاء أولاً منفرداً أومع جماعة، ولهُ أن يدخل مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام قام وأتمَّ صلاته، وهذا اختلاف لا يؤثّر، لصنيع معاذ، وأقرَّه الرسول ــ صلّى الله عليه وسلم ــ حيث كان معاذ يصلّي العشاء مع الرسول ويأتي فيصلّي بأهل قباء العشاء، حيث تكون له هذه الصلاة نافلة، وليس له أن يشرع في التراويح وهو لم يصل العشاء.
القنوت في رمضان:
ذهب أهل العلم في القنوت في الوتر مذاهب هي:
- يستحب أن يقنت في كل شهر رمضان، وهو مذهب عدد من الصحابة، وبه قال مالك.
- يستحب أن يقنت في النصف الآخر من رمضان، المشهور من مذهب الشافعي.
- لا قنوت في الوتر، لا في رمضان ولا في غيره.
- عدم المداومة على ذلك، بحيث يقنت ويترك.
- عند النوازل وغيرها، متفق عليه.
قال ابن القيم ــ رحمه الله ــ: ولم يصح عن النبي في قنوت الوتر قبل ـ أيّ الركوع ـ أو بعده شيء.
وقال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنّه قال لأبي عبد الله في القنوت في الوتر؟ فقال: ليس يروى فيه عن النبي شيء، ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة.
إلى أن قال: والقنوت في الوتر محفوظ عن عمر وابن مسعود والرواية عنهم أصح من القنوت في الفجر،
والرواية عن النبي في قنوت الفجر أصح من الرواية في قنوت الوتر، والله أعلم).23
أصح ما ورد في القنوت في الوتر ما رواه أهل السنن عن الحسن قال: علمني رسول الله كلمات أقولهنَّ في الوتر: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن تولّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يُعزُّ من عاديت تباركت ربنا وتعاليت».
وروي عن علي أنَّ رسول الله كان يقول في آخر وتره:(اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك).
وله أن يقنت بما شاء من الأدعية المأثورة وغيرها، وأن يجهر ويؤمن من خلفه وأن يرفع يديه، ولكن ينبغي أن يحذر التطويل والسجع والتفصيل وعليه أن يكتفي بالدعوات الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وليحذر الاعتداء في الدعاء.