ما قاله السهيلي عن المعجزة يوم غزوة حنين:
وقد قال السهيلي في كتابه: (كتاب الروض الأنف الجزء السابع) تعليقاً على هذه المعجزات التي قد أيد الله سبحانه وتعالى بها نبيه الكريممحمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال: ويقول الصحابي الجليل جبير بن مطعم رضي الله عنه، وهو من الصحابة الذين شهدوا معركة حنين: “لقد رأيت مثل البجاد (یعني الكساء) من النمل مبثوثة، يعني رآه ينزل من السماء، قال: لم أشك أنّها الملائكة“.
وقد قدّم ابن إسحاق قول الآخر: “رأيت رجالاً بيضاً على خيل بلق، وكانت الملائكة، فأراهم الله سبحانه وتعالى لذلك الرجل الهوازني على صور الخيل، والرجال ترهيباً للعدو ، ورآهم جبير على صورة النمل المبثوث وذلك إشعاراً بكثرة عددها، إذ أن النمل لا يستطاع عدها لكثرتها، من أن النملة يضرب بها المثل في القوة، فيقال: أقوى من النملة لأنها تحمل ما هو أكبر من جرمها بأضعاف”.
وقد قال رجل لبعض الملوك آن ذاك: “جعل الله قوتك قوة النملة ، فأنكر عليه، فقال: ليس في الحيوان ما يحمل ما هو أكبر منه إلا النملة، وهذا المثل قد ذكره الأصبهاني في كتاب الأمثال مقرونا بهذا الخبر، وقد أهلك بالعمل أمة من الأمم وهم جرهم”.
ومعجزة أخرى يحدثنا حاجب البيت شيبة الحجبی بأسلوب أوسع، فيقول عن سبب إسلامه:
“ما رأيت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات، ولما كان عام الفتح ودخل نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف عن مكة وسار إلى حرب مع جيش هوازن، قلت أسير من قريش إلى هوازن بحنين، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة فأقتله فأكون أنا الذي قمت بثأر قریش کلها وفي لفظ: اليوم أدرك ثأري من محمد – لأنّ أباه وعمَّه قتلا يوم أحد قتلهما عمه حمزة رضي الله عنه – وأقول لو لم يبق من العرب والعجم أحد لا أتبع محمداً، لا يزداد ذلك الأمر عندي إلّا شدة ، فلمّا اختلط الناس، ونزل محمد صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف عن بغلته أصل السيف، ودنوت منه، ورفعت السيف حتى كدت أوقع به الفعل، رفع إلى شواظ من نار كالبرق كاد يهلکني، فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه، فناداني الرسول الشريف صلى الله عليه وسلم يا شيبة، أدن مني فدنوت منه فالتفت إلي وتبسم وعرف الذي أريد منه فمسح صدریي، ثمّ قال: اللهم أعذه من الشيطان، قال شيبة : فوالله لو كان الساعة إذن أحبُّ إلي من سمعي و بصري ونفسي، وأذهب الله ما كان فيّ، ثم قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: أدن فقاتل وتقدمت امام النبي الشريف أضرب بسيفي، الله أعلم أني أحب أن أقيه بنفسی کل شيء ولو كان أبي حيا ولقيته في تلك الساعة لأوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون وكروا كرّة واحدة، وقربت إليه بغلته صلى الله عليه وسلم فاستوى عليها قائماً وخرج في أثرهم، حتى تفرقوا في كل وجه أي المشركون، وأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف أن يقتل من يقدر عليه واتبعهم المسلمون يقتلونهم حتى قتلوا الذرية فنهاهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الشريف عن قتل الذرية”.