رفع اليدين بعد الفراغ لمسح الوجه:
لقد اختلف العلماء القائلون باستحباب رفع اليدين عند القنوت في حكم رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت لمسح الوجه، على قولين وهما:
القول الأول: لا يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت لمسح الوجه وهو المذهب عند الشافعية، ورواية عن أحمد. وقال به سفيان. ومن أدلة هذا القول ما يلي:
–حديث جابر بن سمرة، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعوا أيدينا في الصلاة فقال: “ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذنابُ خيل شُمس، اسكنوا في الصلاة“. ووجه الاستدلال: أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالسكون في الصلاة، ورفع الأيدي لمسح الوجه بعد القنوت ينافي ذلك.
– أنه لم يُثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنهُ مسح وجهه بيديه بعد الفراغ من القنوت.
–القياس على سائر الأدعية في الصلاة.
القول الثاني: يُشرّع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت لمسح الوجه. وهو وجه عند الشافعية. ورواية عن أحمد وهي المذهب. وقال به الحسن، وإسحاق. ومن أدلة هذا القول هو:
–حديث ابن عباس، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا دعوت فادعُ الله ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك. ووجه الاستدلال: أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر من فرغ من الدعاء أن يسمح وجهه بيديه، والأمر يُفيد المشروعية. ونوقش هذا الأمر من وجهين: الأول: هو أن الحديث ضعيف. والثاني: أن الحديث محمول على الدعاء خارج الصلاة.
–حديث عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطمها حتى يمسح بهما وجهه. ووجه الاستدلال: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يمسح وجهه بيديه بعد الدعاء، وفعل النبي عليه الصلاة والسلام يدل على المشروعية. وقد نوقش بما نوقش به الدليل الأول.
–حديث يزيد بن سعيد الكندي: أن النبي عليه الصلاة والسلام كأن إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه. ووجه الاستدلال: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام يدل على المشروعية.
رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود:
لقد اختلف العلماء القائلون بمشروعية القنوت بعد الركونه في حكم رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود على قولين:
القول الأول: لا يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود وهو قول المالكية والشافعية. ومن أدلة هذا القول هو ما يلي:
–حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “اسكنوا في الصلاة”: ووجه الاستدلال: هو أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالسكينة في الصلاة، ورفع الأيدي بعد الفراغ من القنوت للسجود يُنافي ذلك.
–أنه لم يُثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من الصحابةِ أنهم فعلوا ذلك، والعبادة مبناها على التوقيف.
القول الثاني: يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود، وهو قول الحنابلة. ومن الأدلة على هذا القول هو القياس على مشروعية رفع الأيدي للتكبير بعد الفراغ من القراءة في الصلاة. ونوقش هذا الأمر من ثلاثة أوجه وهما: أن رفع الأيدي للتكبير بعد الفراغ من القراءة في القيام للركوع لا للفراغ من القراءة. الوجه الثاني: أنه قياس على مسألةٍ خلافية أما الوجه الثالث: وهو أن القياس في العبادات غيرُ معتبر.