نسب ولد الزنا من جهة الأم:
إن أصحاب المذاهب الأربعة والظاهرية، اتفقوا على أن ولد الزنا يُتبع بنسبهِ إلى أمه. كما ويُتبع ولد الملاعنة أيضاً. وقد أتى ذلك من خلال بعض أقوال الفقهاء التي وردت وسنذكر البعض منها.
قال ابن نجيم: إن الولد يتبع الأم؛ لأنه يكونُ مؤكدٌ به من ناحيتها، ولهذا يثبت نسب ولد الزنا وولد الملاعنة منها حتى ترثه ويرثها، ولأنه قيل أن الانفصال هو كعضو من أعضائها حساً وحكماً. فقال تعالى:” دْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ” الأحزاب.
وقال ابن عبد البر: إن الأم لا ينتفي عنها ولدها أبداً، وأنه يُلحق بها على جميع الأحوال والظروف، وذلك لولادتها له. أما قول القاضي أبو الوليد الباجي: يقول إن ولد الملاعنة وولد الزنا لا يُبطل نسبه من جهة أمهِ، لأنه لا يستدعي في إلحاقه بها إلى عقد النكاح، فلذلك لا ينتفي عنها بلعان ولا إعترافٌ بزنا.
قال النووي: الولد بكل حال ولدها لا ينفى عنها إنما عنه ينفى وإليها ينسب إذا نسب. وقال السيد البكري: ولد الزنا لا ينسب إلى أب، وإنما ينسب إلى أمه منها حتى ترثه ويرثها، لأنه قبل الانفصال هو كعضو من أعضائها حساً وحكماً.
وقال ابن حزم: إن الولد يُتبع بالمرأة إذا زنت وإذا حملت به، ولا يلحقُ بالرجل، ودليلهم على أن نسب ولد الزنا يلحق بأمه هي الأدلة التالية:
1- إن النبي صلى الله عليه وسلم ألحق ولد الملاعنة بأمهِ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: ” أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين الرجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرق بينهما وألحق الولد بالمرأة.
2- قال النبي صلى الله عليه وسلم في ولد الزنا: “لأهل أمه من كانوا”.
3– عن ابن عمر رضي الله عنهما إذا تلاعنا، فرق بينهما ولم يجتمعا، ودعي الولد لأمه يقال: ابن فلانه، وهي عصبتهُ يرثها وترثه، ومن دعاه لفاحشة الزنا فعليه جلد.
4- ولأن ماءه يكون مستهلكاً بمائها فيرجع جانبها؛ ولأنه متيقنٌ به من جهتها؛ لأنه قبل الانفصال هو كعضو من أعضائها حساً وحكماً.
5– إن المرأة تلحق الولد لها ولنفسها مثل الرجل تماماً، لا بل إنها أقوى من ذلك سبباً؛ لأنه يلحق بها من حلال كان أو حرام، ولأنه لا شك منها إذا صح أنها حملته.