ما هو الطلاق المملك؟

اقرأ في هذا المقال


الطلاق:

الطلاق: حلّ عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه، أو هو تصرّف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب فيقطع النكاح، والأصل فيه الاجتماع وقوله تعالى:“الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”. البقره:229. ومن السنة: يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال:“أبغض الحلال إلى الله الطلاق “.وهو حديث غير صحيح ولكن معناه صحيح.

تمليك الطلاق للزوجة (طلاق التفويض):

إنّ الذي يملك حق الطلاق، هو الزوج، فإنه مُلزم بأداء حقوق الزوجة والأطفال في حالة الطلاق، ممّا يجعله أكثر حرصاً على بقاء الحياة الزوجية قائمة، ما دام الطلاقُ مُلكاً للرجل، فله الحق في أن يُنيب غيره لذلك سواء أناب زوجته أو غيرها، حيث تكون هذه الإنابةُ على شكل توكيل أو تفويض، فالفرق بينهما أنه يمكن عزل الوكيل، أمّا التفويض فهو نقل العِصمة حيث يُملّك الزوج لزوجته أو غيرها حقُ إيقاع الطلاق، ولا يُمكن للزوج عزل المفوض إليه، وأن يتنازل الزوج لزوجته عن حقه في الاستقلال بملكية الطلاق فيشركها معه حين يعطيها الحق في أن تُطلّق نفسها ويتم الإشارة إلى هذا في عقد الزواج.
فمن خلال ذلك نقصد بالتمليك أنه جعل الرجل أمر زوجته بيدها، ولها أن توقع الطلاق متى شاءت، ليس للزوج أن يتراجع عن التمليك إلا إذا قبلت الزوجة بذلك، ويُلزم هذا التمليك إبان الفترة الزمنية المحددة له، ويلزمه على شكل التأبيد إذا تم بشكل يفيد ذلك.

إذن فما هو السند الشرعي لتمليك الطلاق إلى الزوجة؟ وما هي صيغهُ وحالاته؟ ثم ما هو موقف المشرع المغربي من تمليك الطلاق للزوجة؟

السند الشرعي لتمليك الطلاق إلى الزوجة:

لقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تمليك الطلاق للزوجة يجد سنده الشرعي في قوله تعالى :” يا أيّها النبيُّ قُل لأزواجِكَ إنّ كُنتُنَّ تُردنّ الحياةَ الدنيا وزينتها فتعالينَ أمتعكنّ وأسَرحكنّ سَراحاً جميلاً، وإنّ كنتنّ تُردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما” الأحزاب: 28-29. فلما نزلت هذه الآية الكريمة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجته عائشة أم المؤمنين فقال لها: ” إني ذاكر أمراً من الله على لسان رسوله فلا تعجلي حتى تستأمري أبويكِ فقالت وما هذا يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية : قالت فيك يا رسول الله أستأمر أبواي؟ بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلته، قال لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها.
إن الله يبعثني، ثم فعل النبي صلى الله عليه وسلم مثلما فعلت عائشة فكلهن اخترن الله ورسوله و الدار الآخرة”.

أمّا من خلال معرفة طبيعة الطلاق المملّك، فقد تخالفت أراء الفقهاء في طبيعة الطلاق، بأنه رجعي أم بائن.
ففي هذا الصدد يرى الإمام مالك أن المُملّك يخضعُ للمبادئ العامة التي تجعل الأصل في الطلاق أن يكون رجعياً. بخلاف الطلاق التخيير على أن البعض من فقهاء المالكية عارض في هذا الصدد فقد قيل أنه طلقة رجعية وهذا رأي مطرف وأشهب، وهو مطابق لرأي الإمام مالك، وقيل إنها تكون البتة أي تقع بموجبه طلقات ثلاث وهو قول أصبغ سحنون. وقيل إنها طلقة واحدة بائنة وهو رأي لابن قاسم.

صيغ الطلاق المملك وحالاته:

يحقُ للزوج تمليكُ زوجته طلاقها منه بالصيغة الدالة على الطلاق كأن يقول لها: أمرك بيدك أو طلقي نفسك، ويجوز أن يكون هذا التمليك مربوطا بأجلٍ محدد كشهر مثلاً أو سنة، وحينئذ يمكن للزوجة أن تمارس ما تم تمليكه لها خلال أي فترة من الفترات داخل الأجل المحدد أو المذكور، أمّا إذا لم يكن مقيداً بأجل محدد كان المُتعيّن على الزوجة عندئذ أن تبين قرارها في اللحظة التي منح لها فيه التمليك، بمعنى أن الزوجين إذا انصرف لمكان بصدد التفاوض فيه إلى حديث غيره أو إذا انقضى المجلس، سَقط حقها في التمليك، ولم يعد بإمكانها طلاق نفسها من زوجها.
وهذا ما حدده المجلس الأعلى في قراره الذي قال فيه “طلاق التمليك ينقسم إلى قسمين مطلق ومعلق على شرط”. فالمطلق: يُبقى بيدها بالمجلس بقدرما يرى الناس أنها تختار في مثله أن تفرق، أو خرج ممّا كان فيه أو لم يتفرقا فاالإختيار لها ويبطل ما بيدها.أما المعلق على شرط: فيبقى بيده وإن تفرقا إلى أن يحصل المعلق عليه”.

موقف المشرع المغربي:

لقد أقر المشرع المغربي من خلال المادة 89 من مدونة الأسرة، أنه متى ملّك الزوج زوجته إيقاعُ الطلاق، كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة من أجل القضاء به، ملتمسة في ذلك الإشهاد بطلاق التمليك لدى عدلين منتصبين لهذا الغرض بدائرة نقود المحكمة التي يتواجد بها بيت الزوجية، أو موطن الزوجة الطالبة، أو محلُّ إقامتها أو التي أقيم فيها عقد الزواج حسب الترتيب.

ويتضمن طلبُ الإذن باالإشهادِ على الطلاق المملّك، هوية كل من الزوج والزوجة، ومهنة كلّ منهما، ومكان إقامتهما مع ذِكرِ عدد الأبناء ومتى وجدوا وذكر تواريخ ازديادهم ووضعهم الصحيّ والدراسي، ويرفق الطلب لزوماً بمستند الزوجية مرفوقاً بما يفيد تمليك الزوج الطلاق لزوجته، مع ذكر الحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية.


شارك المقالة: