ما هو الفرق بين الكفارة والحدود؟

اقرأ في هذا المقال


الفرق بين الكفارة والحدود:

تشترك الكفارة مع الحدود بما يلي:

  • إنَّ كلاً من الكفارة والحدود أمرٌ مقدر شرعاً لا يمكن التجاوز فيه فلا يمكن أن تكون الكفارة بتحرير رقبتهم ولا ينصف رقبة، وكذلك الحد فإنَّه لا يمكن أن يُجلد الزاني غير المحصن الحر خمسين جلدةً؛ لأن الشارع قد قدره بمائة، فقال تعالى:”الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ“النور:2.
  • أن كلاهما حقٌ لله تعالى، بمعنى أن المكفر عندما يقوم بأداء الكفارة الواجبة فإنَّه يمتثل أمر الله تعالى الوارد في آيات الكفارة على اختلافها ومنها قوله تعالى:” فَتحرِيرُ رقبةٍ مُؤمِنةٍ”النساء:92. أيّ فليُحرر رقبة مؤمنة؛ لأن التعبير بالمصدر ينوب مناب الأمر وكذلك قول الله تعالى:”فاجلدوا” الواردة في حدّ الزنا أمرٌ والأمر يقتضي الوجوب الواجب حق لله تعالى.
  • إنَّ كلاً من الحدود والكفارات أمرٌ مختلف فيه من حيث الزجر والجبر.

    وتختلف الكفارات عن الحدود فيما يلي:

  • الكفارات فيها تخيير من حيث الشيء المكفر به سواء كان بادئ ذي بدء كما في كفارة اليمين، حيث قال الله تعالى بشأن اليمين فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليهِم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فقد قال الأصوليون: أن الواجب أحدها لا بعينه ويتعينُ بإخراج أحدها، أو كان التخيير عند عدم القدرة على الشيء المذكور أولاً، وهذا يتحقق في كفارة اليمين وغيرها، حيث قال تعالى بشأن اليمينِ، فمن لم يجد ما تقدم يلجأ إلى الصوم، وكذلك في كفارة القتل وغيرهما من أنواع الكفارات.
    – أما الحدود: فإنَّ المقدر جزاءً لارتكاب فعلٍ معين لا تخيير فيه، فإنَّ كان الزاني غير محصن تعينَ الجلد ولا بديل له وإنَّ كان مُحصناً تعينَ الرجم ولا يستبدل بغيره سواءٍ كالمُستبدل به أخف أو أشد، وكذلك سائر الحدود الأخرى.
  • الكفارة تدور بين العقوبة والعبادة، فإنَّ جانب العقوبة فيها يتجلى من حيث التزام المكلف بإخراج القدر المنصوص عليه شرعاً في الكفارة جزاءً لارتكاب المخالفة المستوجبة للإثم. وأما معنى العبادة فإنَّ الكفارة تجب لستر الإثم وفيها صيام وفيه معنى العبادة، والإطعام فيه نية التقرب إلى الله تعالى وهي عبادة.
    – أما الحدود: فإنَّ إقامتها بسبب التعدي على حدود الله تعالى بعدم امتثال الأوامرِ وإتيان النواهي؛ فإنَّها تعتمد أساس على الجانب العقابي للمكلف وليس فيها معنى العبادة ولا يمكن أن يُقال إنَّ إقامة الحدّ ربما كانت إلى استجلاب التوبة في قلب المحدود، لأننا نقول أن إقامة الحد من حيث هي دون النظر إلى شيءٍ آخر يترتب عليها هي عقوبة وأما الآثار التي تترتب على ذلك فلا بعتدِ بها عند إقامة الحدّ.
  • الكفارة تحقق منفعةً للمكفر وللغير، أما من حيث المكفر، فغنها تسترُ إثمه وتغطي ذنبه، أما من حيث الغير فإنَّها تحقق منفعة التحرير لرقيق ومنفعة الشبع والكساء للعرايا والجائعين حتى إذا لجأ إلى الصوم، فإنَّ منفعتهُ للمكفر أجلى ظهوراً؛ لأنها تحقق له التهذيب والاستقامة والشعور بالحرمان، فيعطفُ على الفقراء والمساكينِ.
    – أما الحدود: فلا يتحقق فيها هذا النفع الذي يتحقق في الكفارة حتى إذا كان فيها نفعٌ باستجلاب التوبة، فإنَّه أمرٌ قاصر على المحدود.
  • تجب الكفارة بسبب ما يرتكبهُ الشخص من المخالفة في حق نفسهِ، فمثلاً الحالفُ إذا حنث فإنَّه يترتب عليه أن يأتي بالذي هو خير، ويكفر. وكذلك في القتل الخطأ، فإنَّ الكفارة وجبت لقلة التثبت والاحتياط والحذر وهكذا كل الأفعال والأقوال الموجبة للكفارة سببها مخالفة الشخص بارتكاب المحذور.
    – أما الحدود: فإنَّها تجب بسبب ارتكابٍ محظور في حق الغير سواء كان فعل الزنا أو القذف أو الشرب أو غير ذلك ممّا يستوجب الحدّ، فإنَّ الاعتداء قد وقع على الغير بسبب الفعل أو القول الذي ارتكبه المحدود في حق الغير.
  • تختلف الكفارة عن الحدّ في أن الكفارة يقوم المكفر بأدائها من نفسه عن نفسه طوعاً ودون أن يتدخل الحاكم أو نائبه؛ لأن المكفر يريد من وراء ذلك تغطية الإثمِ المرتكب والرجاء في الثواب العظيم المنتظر.
    – أما الحدود: فإنَّه لا يقيمها الشخص على نفسه، فلا يمكن للزاني غير المحصن أن يجلد نفسه ولو فعل ذلك ربما أخذتهُ الرفقة بنفسه في دين الله، وذلك مخالفٌ لمقتضى الآية الواردة في هذا الشأن، فقال تعالى:”الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ” النور:2. فالخطاب في قوله”فاجلدوا” لغير المحدودين، كما أنه نهى المقيمين للحدّ أن تأخذهم بهما رأفة، وذلك من أجل إقامة الدين وهكذا سائر الحدود الأخرى.

شارك المقالة: