الفصل بين الأذان والإقامة والموالاة بين الإقامة والصلاة:
لقد وضحَ عامةُ العلماء على مشروعية الفصل بين الأذان والإقامة للصلوات الخمس إلا صلاة المغرب، ففيها خلاف عندهم. وقد تأولِ بعضهم القول في قول الله تعالى: “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين” فصلت:33. أنه الأذان والعمل انه صلاة ركعتين بعده، رواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن محمد بن نافع عن عائشة رضي الله عنها، ورواه الخطيب عن إسماعيل بن ابي خالد عن قيس ابن ابي حازم من قوله.
وفي البخاري من حديث عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بين كل اذانين صلاة ثلاثا لمن شاء”. وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، كان البني صلى الله عليه وسلم: “يصلي ركعتين خفيفتن بين النداء والإقامة من صلاة الصبح” رواه البخاري.
وفي المسند من حديث ابي الجوزاء عن أبي بن كعب. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا بلال، اجعل بين أذانك وإقامتك نفَساً، يُفرغ الأكل من طعامه في مهل، ويقضي المتوضئُ حاجته في مهل”، وفيه انقطاع. والأذان إنما شرع للإعلام بقرب أداء الصلاة أو دخول وقتها، فالأولى الانتظار ليتمكن السامع من القدوم.
ولا حدّ للوقت الفاصل، إلا إنه ينتظرُ قدوم تهيؤهم واجتماعهم وصلاة ركعتين؛ ففي الصحيحين من حديث جابر بن عبد لله قال في صلاة العشاء: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً وأحياناً :إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم ابطؤوا أخر”. رواه البخاري ومسلم.
وأما الفصلين الأذان والإقامة لصلاة المغرب، فهو أقلها لضيقِ الوقت، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه السابق قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا وجبت”.
ولحديث رافع بن خديجه رضي الله عنها في الصحيحين قال: “كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فينصرف احدنا وانه ليبصر مواقع نبله” رواه البخاري ومسلم. إلا أنه ينتظر قدر صلاة ركعتين لحديث عبد الله بن مغفل المزني رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء، كراهية يتخذها الناس سنة” رواه البخاري.
ولما في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله قال: “كنا في المدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري، فيركعون ركعتين، حتى ان الرجل الغريب ليدخل المسجد ،فيحسب ان الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما “ واما رواه البزاز من حديث بريدة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: “بين كل أذانين صلاة إلا المغرب” فلا يصح، وقد ضعف البيهقي وابن حزم وغيرهما زيادة “إلا المغرب” بل وصفها بالبطلان، وقد تفرد بها حيان بن عبيد الله عن عبد الله بن بريدة عن ابيه، وخالف أصحاب عبد الله، وأعل الحديث البزار عقب إخراجه له.
تعتبرُ الموالاة بين الإقامة والصلاة، فهي الأولى بالاتفاق، وليست بشرط على الصحيح، وذلك لما روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله قال: “أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلاً في جانب المسجد ،فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم” ولما في الصحيحين من الحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياماً، فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام في مُصلاه ذكر أنه جنب، فقال: لنا مكانكم، ثم رجع فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه” رواه البخاري ومسلم.
وفيهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب الى بني عمرو بن عوفٍ ليُصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: “أتصلي للناس فأقيم ؟قال: نعم”.