تعريف الصلح
الصلح لغة: الصلاح هو ضد الفساد، وأصلحتهُ فصلح وأصلح، وهو الخير والصواب، والصلح اسم منه وهو التوفيق، وأصلحت بين القوم وفقت، وتصالح القوم واصطَلحوا، وهو صالح للولاية، له أهلية القيام بها، وأصلح الدابة أحسن إليها فصلحت.
الصلح اصطلاحاً: عرف الفقهاء الصلح بتعريفات عديدة منها:
– الصلح هو عقد يدفع النزاع ويقطع الخصومة.
– وهو عقدٌ يحصل به قطع المنازعة.
– وهو عبارة عن معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم، ويتوصل بها إلى الموافقة بين مختلفين.
– والصلحُ هو انتقال عن حق أو دعوى بعوض، لرفع نزاعٍ أو خوف وقوعه.
وبالنظر إلى التعريفات السابقة، يرى أنها تدور حول معنى واحد، ألا وهو رفعُ النزاع، وقطع الخصومات، ويتبين لنا أن الصلح هو عقدُ مرضاة، يُصبح لازماً بعد انعقاد الصلح. وكذلك أفادت كلمة عقد: أن كل طرف يكون على بينة ممّا سوف يتنازل، وما سيقضي له أو عليه.
دليل مشروعية الصلح
إن دليل مشروعية الصلح واضحاً من الصلح من القرآن الكريم والسنة المطهرة والإجماع والمعقول.
– القرآن الكريم: الصلح من المحاسن العظيمة في شريعة الإسلام، وقد تضافرت نصوص الشريعة في الحث على الصلح بين الناس، والترغيب فيه، فالإصلاح بين الناس من العبادات الجليلة، كما أن من مقاصد الشريعة تحقيق المودة والألفة بين الناس.
وقد بين الله فضل الإصلاح بين الناس، فقال تعالى: “لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا“النساء 114. ووجه الدلالة: قد حثت الآية الكريمة على الإصلاح بين الناس، وبينت أن من يقوم بهذا العمل احتساباً، فسوف يؤتيه الله ثواباً جزيلاً وأجراً عظيماً.
– السنة المطهرة: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:”الصلحُ جائز بين المسلمين، إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً. ووجه الدلالة هنا أنه دل على أن الصلح مباح، وجائزٌ بين المسلمين.
– الإجماع: وقد أجمع الفقهاء على مشروعية الصلح في الجملة.
– المعقول: في ترك الصلح نزاع؛ لأنه إذا طلب صاحب الحق جميع حقه فأنكرهُ المدعى عليه، وأقام المدعي البينة، يكون ذلك باعثاً للنزاع، ولا سيما إذا حصل ذلك في وقت الإعسار، ويوجب ذلك لحصول سبب لتهييج الفتن بين المدعي والمدعى عليه، وتزيد العداوة بينهما، وهذا ممّا يستلزم الفساد العظيم، ويفهم من ذلك أن في الصلح خير ٌ ومنفعة.
حكمة مشروعية الصلح
الإسلام دين الأخوة الوحدة والتعاون، ونبذ الفرقة وأسبابها وما يؤدي إليها، قال تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ” آل عمران:103. كما يحثُ الإسلام على ما يُمتّن عرى المحبة بينهم، ويُزيل بواعث الشقاق، فيَحثهم على التسامح بدل التدابر، وعلى التواصل بدل التقاطع.