حدّ المعتدّة:
الـحَدُّ: الفَصل بـين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر، أَو لئلا يتعدّى أَحدهما علـى الآخر، وجمعه حُدود. وفصل ما بـين كل شيئين: حَدٌّ بـينهما. ومنتهى كل شيء: حَدُّه، وهو المنع، ومنه امتناع المرأة عن الزينة وما في معناها إظهاراً للحزن.
الحدّ اصطلاحاً: هو أنّ تُمنع المعتدّة من الزينة أو مايشابهها، لمدة مخصوصة وفي أحوال مخصوصة، ومن أحوال الإحداد امتناعها من البيتوتة في غير منزلها. والعلاقة بين الاعتداد والإحداد أن الاعتداد طرف للإحداد، ففي العدة تترك المرأة زينتها لموت زوجها.
حكم الإحداد:
اتفق العلماء على وجوب الإحداد في عدة الوفاة من الزواج الصحيح، حتى لو كان غير دخول بالزوجة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:“لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أنّ تحدّ على ميتٍ فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوجٍ، أربعة أشهر وعشرا”.أخرجه بخاري ومسلم.
وأجمعوا العلماء أيضاً على أنّ لا حداد على الرجل ولا على المرأة المطلّقة رجعياً، بل يُطلب منها أن تتعرّض لمطلقها وتتزيّن له لعلَّ الله يحدث بعد ذلك أمراً. وأمّا المرأة المنكوحة نكاحاً فاسداً إذا مات عنها زوجها قال فيها الجمهور أنه لا إحداد عليها، لأنها ليست زوجة في الحقيقة، وأن بقاء الزواج غير الصالح والفاسد نقمة، وزواله نعمة، فلا محل للإحداد.
واختلفوا في حكم إحداد المعتدة من طلاقٍ بائن على قولين:
الأول: أنه يجبُ الإحداد على المطلّقة طلاقاً بائن، وهذا قول سعيد بن المسيب، وأبي عبيد، وأبي ثور، والحنفية ورواية عن أحمد، ودليلهم على ذلك ما يلي:
– أنها معتدّة بائن من نكاح، فلزمها الإحداد كالمتوفّى عنها زوجها.
– إن العدّة تُحرّم النكاح فحرمت دواعيه.
الثاني: لا يجب عليها الإحداد، ويجوز لها التزين، وهو قول عطاء وربيعة ومالك وابن المنذر ونحوه قول الشافعي، ورواية عن أحمد، ودليلهم على ذلك بما يلي:
1. أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:“لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا”وهي عدة الوفاة وهو يدل على أن الإحداد إنما يجب في عدّة الوفاة.
2. إن مدلول الحديث الذي استدلّ به المخالفون ينصّ على تحريم الإحداد على ميتٍ غير الزوج، ونحن نقول به؛ ولهذا جاز الإحداد هنا بالإجماع.
3. أنها معتدة من نكاح بائن، فلزمها الإحداد كالمتوفّى عنها زوجها؛ لأن العدة تحرّم النكاح، فلذلك تُحرّم دواعيه.
4.أن المطلّقة طلاقاً بائناً، تخالف الرجعية، لأنها زوجة، والموطوءة بشبهة ليست معتدة من نكاح فلم تكمل الحرمة.
5. أنها معتدة عن غير وفاة، فلم يجب عليها الإحداد، كالرجعية، والموطوءة بشبهة.
6. أن الإحداد في عدّة الوفاة لإظهار الأسف على فراق زوجها وموته، فأمّا الطلاق فإنه فارقها باختيار نفسه، وقطع نكاحها، فلا معنى لتكليفها الحزن عليه.
7. أن المتوفّى عنها لو أتت بولد، لحق الزوج، وليس له من ينفيه، فاحتيط عليها بالإحداد، لئلا يلحق بالميت من ليس منه، بعكس المطلّقة، فإن زوجها باقٍ، فهو يحتاط عليها بنفسه، وينفي ولدها إذا كان من غيره.