حكم استخدام وسائل منع الحمل:
يسعى المسلمون إلى بناء روابط أسرية ومجتمعية متينة، ويُرحبون بالأطفال عطية فهم من الله. عن طريق الزواج الصحيح، وأنّ تربية الأبناء هي أيضاً من المقاصد الرئيسية للزواج في الإسلام. وقليلون من المسلمين يختارون أن يظلوا خاليين من الأطفال باختيارهم، ولكن هناك الكثير منهم يفضلون تنظيم أسرهم من خلال استخدام وسائل منع الحمل.
رأي المسلمين من ناحية القرآن الكريم: لا يشير القرآن الكريم على وجه التحديد إلى وسائل منع الحمل أو تنظيم الأسرة ، ولكن في الآيات التي تحرم قتل الأطفال، يحذر القرآن المسلمين من ذلك الفعل في قوله تعالى : “وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ” الإسراء:31. وقد فسّر بعض المسلمين هذا على أنّه حظر لمنع الحمل أيضاً، لكن هذا ليس رأياً مقبولًا على نطاق واسع.
فقد كانت تُمارس بعض الأشكال المبكرة لتحديد النسل خلال حياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يُعترض على استخدامها المناسب مثل إفادة الأسرة أو صحة الأم أو تأخير الحمل لفترة زمنية معينة. إلّا أنّ هذه الآية تذكير بأنّ الله تعالى يرعى حاجات عبادها ولا يترددوا في جلب الأولاد إلى العالم بدافع الخوف أو لأسباب أنانية. ولا توجد وسيلة لتحديد النسل فعالة بنسبة 100 في المائة والله هو الخالق ، وإذا أراد الله أن يُعطي الزوجان طفلًا ، فيجب على المسلمين قبولُ ذلك على أنّه إرادةٌ منه تعالى.
أمّا رأي العلماء في الحالات التي لا يوجد فيها توجيه مباشر من القرآن الكريم وتقليد النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، يعتمد المسلمون بعد ذلك على إجماع العلماء المتعلمين “الإجماع”.
يختلف علماء الإسلام في آرائهم حول وسائل منع الحمل، لكن العلماء الأكثر تحفظًا هم فقط الذين يحظرون تحديد النسل في جميع الحالات. في الواقع، ينظر جميع العلماء في علاوات لصحة الأم، ويسمح معظمهم على الأقل ببعض أشكال تحديد النسل عندما يكون القرار متبادلًا بين الزوج والزوجة. وهناك بعض الآراء التي نوقشت بشدة حول طرق تحديد النسل التي تعيق نمو الجنين بعد الحمل، أو الطرق التي لا رجعة فيها، أو عندما يستخدم أحد الزوجين وسائل منع الحمل دون معرفة الآخر.
أنواع وسائل منع الحمل:
تحتوي الشريعة الإسلامية على أحكام بشأن أنواع مختلفة من وسائل منع الحمل ومنها ما يلي:
أولاً: تنظيم الأسرة الطبيعي: لقد كان هذا ممارساً بشكل شائع في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولم يُعترض عليه عالمياً، ويجب أن يكون الزوجان حساسين لاحتياجات كل منهما للوفاء بها، ومع ذلك لا يمارسان هذه الطريقة إلا إذا وافق كلاهما على هذا الأمر.
ثانياً: طرق الحاجز بين الزوجين وهما ما يسمى: ب”الواقي الذكري أو الأغشية” وهذه المادة قد تمّ تصميمها لمنع الحمل، وبالتالي فهي مقبولة من قبل معظم علماء المسلمين. بقي نوع آخر وهو الواقي الذكري، البلاستيك الذي يستعمله الرجال وهذا أيضاً يترتب عليه كثير من المفاسد، فالبلاستيك لا يخلو من أحماض، وهذه الأحماض مضرة بالمرأة، فتؤثر في أعضائها الداخلية، الأمر الآخر أنه قد يؤدي إلى بعض المشكلات الاجتماعية، فكثيراً ما يتسرب منه بعض الحيوانات من ثقوب فيه لا ترى بالعين المجردة فيحصل حمل فينتفي الرجل منه ويزعم أنّه ليس منه لأنّه قد استعمل الواقي، فتكون مشكلة اجتماعية كبيرة.
ثالثاً: طرق هرمونية أو استخدام طرق أخرى مثل: حبوب، رقعة أو اللولب أو ما شابه ذلك، وتعمل هذه الطرق من خلال مجموعة من منع الإخصاب والتدخل في عملية الزرع. ومعظم العلماء يستهجن مثل هذه الأساليب إلا تحت إشراف طبي لا سيما إذا كان من شأن هذه الأساليب أن تُلحق الضرر بالمرأة التي تستخدمها. الجراحة منها قطع القناة الدافقة أو ربط البوق أو استئصال الرحم، ويُحرم الإسلام الزوجين من اختيار عدم وجود أطفال بشكل دائم من خلال إجراء عمليات جراحية لا رجعة فيها، إلا لأسباب طبية.
وعلى الرغم من أن المسلمين يقيمون علاقات جنسية فقط في إطار الزواج ، فمن الممكن أن يتعرضوا للأمراض المنقولة جنسياً، فالحل الوحيد لمثل هذا الأمر هو استعمال الواقي الذكري فهو الخيار الوحيد لمنع الحمل الذي يساعد على منع انتشار العديد من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي.
الإجهاض: ويصف القرآن مراحل التطور الجنيني، ويذكر التقليد الإسلامي بأنّ الروح “تنفخ” في الطفل بعد أربعة أشهر من الحمل. يعلم الإسلام احترام كل حياةٍ بشرية، لكنه يظل سؤالًا مستمرًا حول ما إذا كان الأطفال الذين لم يولدوا بعد يندرجون في هذه الفئة.
والإجهاض مرفوض في الأسابيع الأولى، ويعتبر إثمًا إذا تم فعلهُ بدون سبب وجيه، ولكن معظم الفقهاء يُصرحون به. فقد وجد معظم العلماء المسلمين الأوائل بأنّ الإجهاض مسموح به إذا تمّ إجراؤه في غضون 90-120 يومًا الأولى بعد الحمل، ولكن الإجهاض محكوم عالمياً بعد ذلك ما لم يكن لإنقاذ حياة الأم.