ما هو حكم تارك صلاة الجمعة؟

اقرأ في هذا المقال


حكم تارك صلاة الجمعة:

صلاة الجمعة: وهي كلّ ما يجمع الناسُ من جماعات وهو اليوم الذي يكون بين الخميس والسبت، وصلاةُ الجمعةِ هي عبارة عن العبادة التي يؤديها المسلمون في ذاتِ يومٍ بالمساجد، حيثُ أنهم يُصلون ركعتينِ للظهر خلف الإمام بعد الاستماع للخطبتين.
روى مسلمُ في صحيحهِ من حديث ابن مسعود: أنّ النبي عليه الصلاة والسلام قال لقومٍ يتخلفون عن الجمعة: “لقد هممت أن آمر رجلاً يُصلّي بالنّاس، ثم أحرّق على رجالٍ يتخلفون عن الجمعة بيوتهم”.
وعن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد مِنبره: “لينتهينّ أقوامٌ عن وَدعهم الجمعات، أو ليختمنّ الله على قلوبهم، ثم ليكوننّ من الغافلين” رواه مسلم في صحيحه.
وأخطأ على الشافعي من نسب إليه القول بأنّ صلاة الجمعة فرضٌ على الكفاية، إذا قام بها قومٌ سقطت عن الباقيين؛ فلم يقل الشافعي هذا قطٌ، وإنما غلط عليه من نسب ذلك قوله في صلاة العيد، إنّها تجب على من تجب عليه صلاة الجمعة. وهذا نصٌ من الشافعي على أن صلاة العيدِ واجبةٌ على الأعيان. وهذا هو الصحيح في الدليل، فإنّ صلاة العيد من أعظم شعائر الإسلام الظاّهرة، ولم يكن يتخلف عنها أحدٌ من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا تركها رسول الله عليه الصلاة والسلام مرةً واحدةً.
ولو كانت سُنةً لتركها ولو مرةً واحدةً، كما ترك قيام رمضام بياناً لعدم وجوبه، وترك الوضوء لكلِ صلاةٍ، بيناً لعدم وجوبه، وغير ذلك، وأيضاً فإنه سبحانه وتعالى أمر بالعيد كما أمر بالجمعة فقال: “فصلِ لربكَ وانحر” الكوثر:2.
وأمر النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة أن يغدوا إلى مصلّاهم لصلاة العيد بعد أن فات وقتها، وثبت الشهر بعد الزوال. وأمر أيضاً عليه الصلاة والسلام العواتق وذوات الخدور والحُّيض أن يخرجن إلى العيد، وتعتزل الحُيّض المُصلى، ولم يأمر بذلك بذلك في الجمعة. وقال شخنا: “فهذا يدلُّ على أن العيد آكد من الجمعة.
وقوله خمسُ صلواتٍ كتبهُنّ الله على العبد في اليوم والليلة، لا ينفي صلاة العيد؛ فإنّ الصلوات الخمس وظيفة اليوم والليلة، وأمّا العيد فوظيفة العام، ولذلك لم يمنع ذلك من وجوب ركعتي الطذواف عند كثير من الفقهاء أنّها ليست من وظائف اليوم والليلة المتكررة، ولم يمنع وجوب صلاة الجناوة، ولم يمنع من وجوب سجود التلاوة عند من أوجبه وجعله صلاةً، ولم يمنع من وجوب صلاة الكسوف عند من أوجبها من السّلف، وهو قولٌ قوي جداً.
والمقصود: أن الشافعي رحمهُ الله تعالى نصّ على أنّ من وجبت عليه الجمعة وجب عليه العيد، ولكن قد يُقال: إنّ هذا لا يُستفاد منه وجوبه على الأعيان، فإنّ فرض الكفاية يجب على الجميع، ويسقط بفعل البعض.

المقصود ببيان تارك صلاة الجمعة:

قال أبو عبد الله ابن حامد: ومن جحد وجوب الجمعة كفر، فإنّ صلّاها ظهراً أربعاً مع اعتقاد وجوبها، قال، فإن قلنا هي ظهرٌ مقصورة لم يكفر، وإلّا كفر. وهل يلحق تارك الصوم والحج والزذكاة بتارك الصلاة في وجوب قتلهِ؟ فيه ثلاثُ رواياتٍ عن الإمام أحمد.
– الرواية الأولى: يُقتل بترك ذلك كلّه، كما يُقتل بترك الصلاة. وحُجة هذه الرواية: أن الزكاة والصيام والحج من مباني الإسلام، فيُقتلُ بتركها جميعاً مثل الصلاة؛ ولهذا قاتل الصّدّيق مانعي الزكاة، وقال: “والله لأقاتلّنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة إنّها لقرينتها في كتاب الله” أخرجه البخاري.
– الرواية الثانية: أنه لا يُقتل بترك غير الصلاة؛ لأن الصلاة عبادة بدنيةٌ لا تدخلها النيابةُ بحال، والصّوم والحج والزكاة تدخلها النّيابةولقول عبد الله بن شقيق: “كان أصحاب محمدٍ عليه الصلاة والسلام لا يرون شيئاً من الأعمالِ تركهُ كفرٌ إلا الصلاة” أخرجه الترمذي. ولأن الصلاة قد اختصت من سائر الأعمال بخصائص ليست لغيرها؛ فهي أولُ شيءٍ فُرض في الإسلام، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام نوّابهُ ورسلهُ أن يبدؤوا بالدعوة إليها بعد الشهادتين؛ فقال لمعاذ: “إنّك ستأتي قوماً أهل كتابٍ، فليكن أولُ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك بذلك فأعلمهم أنّ الله تعالى فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة” أخرجه البخاري.

– والرواية الثالثة:
يُقتلُ بترك الزكاة والصّيام، ولا يُقتل بترك الحج؛ لأنه مختلف فيه، هل هو على الفور، أو على التراخي، فمن قال: “هو على التراخي” قال: كيف يُقتل بتأخير شيءٍ موسع له في تأخيره. إنّ هذا المأخذُ ضعيف جداً؛ لأن من يقتلهُ بتركهِ لا يقتلهُ بمجرد التأخير اتفاقاً، وإنما صورة المسألة: أن يعزم على تركهِ جملةً، ويقول: هو واجبٌ عليّ ولا أحجّ أبداً، فهذا هو موضع النّزاع. والأصح هو القول بقتله؛ لأن الحجّ من حقوق الإسلام، والعصمة لم تثبت لمن تكلم بالإسلام إلا بحقهِ، والحج من أعظم حقوقه.


شارك المقالة: