ما هو حكم من صام عرفة؟

اقرأ في هذا المقال


حكم من صام عرفة:

يُعتبر صوم يوم عرفة سنة مؤكدة لمن لم يحج. عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عرفة فقال: “يكفر عن الماضي، السنين القادمة.” رواه مسلم  وفي رواية: أسأل الله تعالى أن يكفر عن السنة التي قبلها والسنة التي تليها.

وقد قال الشافعي وأصحابه عن صيام يوم عرفة: بأنّه مُستحبٌ صيامه لمن ليس موجود على عرفة، أمّا صيام عرفة بالنسبة للحاج  فقال فيه الشافعي في مختصر أصحابه، بأنّهُ يُستحب له الفطر؛ وذلك لحديث أم الفضل. قال عدد من أصحابنا: يكره أن يصوم هذا اليوم. وممن كره ذلك: الدارمي، والبندنيجي، وغيرهم.

قال ابن قدامة رحمه الله وهو من كتب الحنابلة: إنه يوم عظيم نبيل، وعيد مبارك له فضيلة عظيمة. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ صيامه كفارة سنتين.

قال ابن مفلح رحمه الله وهو أيضا من كتب الحنابلة: ويستحب صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة ، ولا سيما اليوم التاسع، وهو يوم عرفة بإجماع العلماء.

قال الكاساني رحمه الله وهو من كتب الحنفية: وأما صيام يوم عرفة، فإنّه مستحب لغير من يحج؛ لكثرة الأحاديث التي نصحت بصيام هذا اليوم، ولأنّه أفضل من سائر الأيام. وهذا ينطبق أيضا على الحاج إذا لم يضعف من الوقوف بعرفة والدعاء، لأنّ هذا الجمع بين عبادة. وأمّا إذا كان يضعفه فهو مكروه ؛ لأنّ فضل صيام هذا اليوم مما قد يُقضى عليه في سنة أخرى، وفضل الوقوف بعرفة والدعاء شيء. وهذا لا يناله معظم الناس إلا مرة واحدة في العمر، لذلك فإنّ الحصول على فضل الوقوف بعرفة والدعاء.

وفي شرح مختصر خليل للخرشي وهو كتاب مالكي جاء فيه:“صوم يوم عرفة لمن لم يحج وعشر ذي الحجة” المراد أنّ صيام يوم عرفة مستحب للذي لا يحج. الحج. أمّا الحاج فيستحب له أن يفطر هذا اليوم تقوية للدعاء، ولم يصوم النبي صلى الله عليه وسلم في الحج. وجاء في حاشية الدسوقي: يستحب صيام يوم عرفة، والمراد منه: استحبابه بوجه خاص في هذا اليوم، وإلا نوصي بالصيام عامة.

لقد قال ابن عثيمين: يُعتبر صوم عرفة سنة مؤكدة لغير الحجاج والمعتمرين، بدليل  قوله صلى الله عليه وسلم “أسأل الله أن يكفر عن السنة التي قبلها و العام الذي يأتي بعده”. وفي رواية أخرى قال: “إنّها تكفر سنين ماضية وقادمة”.

أمّا الحجيج فلا يجوز لهم صيام عرفة؛ وذلك لأنّ النبي عليه الصلاة والسلام  أفطر يوم عرفة في حجة الوداع. وذكر في صحيح البخاري عن ميمونة رضي الله عنها قالت: “أنّ الناس شكّوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فأرسلت له. بعض الحليب وهو واقف في عرفة يشربه وهو إلى الناس”.

هل صام النبي عليه الصلاة والسلام يوم عرفة:

لقد ورد على أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام ما صام يوم عرفة، لا في فترة الحج ولا في غيره، ولم يتحرّى في خلال السنة إلّا صوم يوم عاشوراء.

وقد تكلم عن حديثِ عائشة رضِي الله عنها: “أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر الأُولى من ذي الحجةِ”، وإبطالِ الشيخ ابنِ بازٍ رحِمَه اللهُ لتأويلات حديث عائشةَ رضِي الله عنها، وأنّه يبعد أن يكونَ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر، ويخفى ذلك على عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، وتضعيف الشيخ لحديثِ حَفصةَ رضِيَ اللهُ عنها بالاضطراب، وإثبات صحّة حديث عائشة رضي اللهُ عنها.

لقد اتضح على أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلم ما صام يوم عرفة ولا حتى أول عشر أيامٍ من ذي الحجة وهو في المدينة المنورة في السنة التاسعة، ودليلهم على أن الصحابة الكرام لم ينقلوا صومه في العشر الأُولى مِن ذي الحجة، مع أن مثل هذا الأمر يحفظُ ويضبط، وتتوفر الهِمَمُ والدواعي إلى نقله، وذكر الدليل على أن النبي صلَّى الله عليه وسلم والصحابة الكرام لم يتحروا في السنة إلا صوم يوم عاشوراء.

لقد ورد الدليل على أنّ تكفير الذنوب المُتقدمة والمتأخرة خاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام لا يُشاركه فيه أحد. ثم ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُشرع لأهل الإسلام من الحجاج وغيرهم صوم يوم عرفة، وأنّ الإمام البخاري رحمه اللهُ لم يَرد صومَ يومِ عرفة؛ لضعف حديث أبي قتادة رضِي اللهُ عنه في صوم يوم عرفة.


شارك المقالة: