فضل الوتر وما ورد في قيام الليل:
الوترُ: هي من العبادات العظيمة والطاعات الجليلة التي اهتم النبي عليه الصلاة والسلام بشأنها وحافظ عليها وحرص على أدائها وأولادها أشد عنايةً، فكان عليه الصلاة والسلام لا يدع الوتر أبداً سفراً ولا حضراً أخرجه البخاري. وقد أكد على أهمية المحافظة على الوتر والاعتناء به وعدم التفريط فيه؛ فقال: “إنّ الله زادكم صلاة فحافظوا عليها وهي الوتر” أخرجه أحمد.
تعريف الوتر:
الوتر في اللغة: وهي بكسر الواو وفتحها، وهي مصدر أوتر يُوتر إيتاراً ووتراً، يُقال: أوترتُ الصلاة ووترتها إذا جعلتها وتراً، وجمع الوتر أوتار، ومعناه الفرد أو العدد الفرد أو العدد الفردي سواء كان واحداً أو أكثر، إذا لم يكن عدداً مزدوجاً. فقال تعالى: “والشَّفعِ والوَترِ” الفجر:3. وقال عليه الصلاة والسلام: “إن الله وتر يحب الوتر”.
أما الوتر اصطلاحاً: هي ما تسمى بصلاة التطوع الفردية في الليل، وقيل: الركعة التي تختمُ بها صلاة الليل. وبناء على ذلك فإن القنوت في الوتر هو: الدعاء حال القيام في آخر صلاة التطوع الفردية في الليل، أو الدعاء حال القيام في آخر صلاة التطوع الفردية في الليل، أو الدعاء حال القيام في آخر صلاة الوتر أو الدعاء في الصلاة في محل أو الدعاء في الصلاة في محلٍ مخصوص من القيام.
وقال: “إن الله قد أمدكم بصلاة وهي خير لكم من حُمر النعم وهي الوتر” أخرجه أبو داود. وأوصى النبي عليه الصلاة والسلام أبا هريرة أن لا ينام حتى يُوتر. وقال: “إن الله وتر يُحب الوتر” أخرجه البخاري. وحذّر من إهماله أو التهاون فيه، فقال: “من لم يوتر فليس منا” أخرجه أبو داود. ولهذا أوجبه بعضُ أهلِ العلم، وعدّهُ الجمهور من السنن المؤكدة.
وقال الإمام أحمد: في رجلٍ يترك الوتر متعمداً: هذا رجل سُوءٍ يتركُ سنةً سّنها النبي عليه الصلاة والسلام، ثم قال: هذا ساقط العدالةِ إذا ترك الوتر معتمداً.
أما قيمُ الليل بعامة فمن أفضلُ الطاعات وأزكى القربات، فقال تعالى: “وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا – ومن الّيلِ فاسجد لهُ وسبحهُ ليلاً طويلاً” الإنسان:25-26. وقال تعالى في مدح الصالحين والثناء عليهم: “كانُوا قليلاً من الّيل ما يهجعُونَ” الذاريات:17. وقال أيضاً: “تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ” السجدة:16.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: “أفضلُ الصلاةِ بعد الصلاةِ المفروضة صلاةُ الليل”. أخرجه مسلم في الصحيح. وقال أيضاً: “أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينامُ نصف الليل ويقوم ثُلثه وينامُ سُدسهُ” أخرجه البخاري في صحيح. وفي الليل ساعة لا يُوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا إلا أعطاهُ إياهُ. أخرجه مسلم.
لذلك حثّ النبي عليه الصلاة والسلام الرجل على إيقاظ زوجه لأدائها، فقال: “رَحِم الله رجلاً قام من الليل فصلّى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء”. كما حث المرأة أيضاً فقال: “ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقظت زوجها فإنّ أبى نضحت في وجهه الماء”.
ثمار الصلاة العظيمة:
ومن ثمار هذه العبادة العظيمة ما تعودُ على فاعلها من طيب النفس وانشراح الصدر ودفع الكسل والخمول؛ يقول النبي عليه الصلاة والسلام: “يعقدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقد فإن استيقظ فذكر الله انحلّت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان” أخرجه البخاري.
فالصلاةُ هي منهاةٌ عن الإثم ومن مكفرات الذنوبِ، فقال عليه الصلاة والسلام: “عليكم بقيامِ الليل، فإنهُ دأبُ الصالحين قبلكم وهو قربة إلى ربكم ومُكفر للسيئاتِ ومنهاةٌ عن الإثم” أخرجه الترمذي.
“فما أعظمها من منافع وما أجملها من فضائل ومناقب، أما من أعرض عن ذلك ونام حتى يُصبح، فذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنيه” أخرجه مسلم. ولذلك اهتم السلف بالتأليف في ذلك، فكتبوا مؤلفات عديدة وتناول الموضوع من جوانب مختلفةً، وإن كان أكثرها في بيان فضله وما ورد في الحث عليه والدعوة إليه.
وفي حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي عليه الصلاة والسلام، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: كلّ حرفٍ في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة” أخرجه أحمد. ويُطلق على هذا الحديث عدةُ معانٍ عدة وهي ما يلي:
- الصلاة: فقال تعالى: “أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ” الزمر:9.
- الدعاء، وفي الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام “قنت شهراً يدعو”. أخرجه البخاري.
- القيام، وفي الحديث: “أي الصلاة أفضل، قال:طولُ القُنوت” أخرجه مسلم.
- الإمساك عن الكلام، قال تعالى: “وقُومُوا للهِ قانِتين”البقرة:238.