ما هو موقف إبليس من آدم عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


موقف إبليس من آدم عليه السلام قبل نفخ الروح:

عندما تكوّن جسد آدم وأصبح صلصالاً كالفخار فقد فزع إبليس فزعاً شديداً وخاف خوفاً عظيماً من هذا المخلوق الجديد. فقد روى مسلم في صحيحه عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به فينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك، وروى أحمد في مسنده عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله آدم تركهُ ما شاء الله أن يدعهُ فجعل إبليس يطيفُ به فينظر إليه فلما رآه أجوف عرف أنه خلقٌ لا يتمالك.
وذكر ابن الأثير في تاريخه: أن إبليس كان يدخل من فيهِ أي فمه، ويخرج من دبره، ويخرج من دبره ويدخل من فيهِ، ثم يقول لستُ شيئاً ولشيء ما خلقت ولئن سلطتُ عليكَ لأهلكنكَ، ولئن سلطت عليّ لأعصينك، فكانت الملائكة تمر به فتخافهُ، وكان إبليس أشدهم منه خوفاءَ.
فهذه هي طبيعة إبليس خاف وفزع من آدم قبل أن ينفخ فيه الروح، وأصبح كالحيران يدخل إليه من دبره، تارةً أخرى يتحسس مناطق الضعف فيه، وكأنه الإحساس المرهف أنه سيكون لهذا المخلوق شأنٌ عظيم، سواء كان في الجنة أم على هذه الأرض، وأن هذا الصراع بينهما سيظلُ مع ذرية آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وعندها توضع الموازين القسط ليوم الحساب.

ما موقف إبليس من السجود لآدم عليه السلام:

بعدما خلق اللهُ آدم ونفخَ فيه من روحه وعلمهُ الأسماء أراد أن يكرمهُ فأمر الملائكة بالسجود فخرت جِباههم واعترفت بعلو قدرهِ وعلمه إلا إبليس، فإنه استكبر وأبى وامتنع عن الامتثال لأمر الله، وأبي أن يعترف بفضل آدم، بل زاد من تبجحهِ عندما سأله الله عن عدم امتثاله للأمر، فظهرت نفسه الشريرة وما تكن من الحقد والحسد عندها أجاب قائلاً: “أأسجدُ لمن خلقتُ طينا” الإسراء:61. وقال تعالى: “أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقتهُ من طين” الأعراف:12. فقد أبت نفسه الشريرة إلا أن ندارس بالوحل والتمرد على الله فسقط في الهاوية فكان من الكافرين وذلك ليس لأنه لم يرفض السجود لغير الله، ولكنه رفض السجود لأمر الله وهذا هو الفرق أن رفض إطاعة أمرِ الله معصيةً وكفر.
هناك بعض الآيات التي تحدثت عن امتناع إبليس عن السجود:
– قال تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ” الأعراف:11.
– وقال تعالى: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَفَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَإِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ” الحجر:28-31.
– قال تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ” الكهف:50.
إنّ هذه المواضيع التي ذُكر فيها امتناع إبليس من السجود لآدم، ولو لاحظنا ألفاظ الامتناع هي: أبَى وأستكبرَ ولم يكن من الساجدين، إلا إبليس قال أأسجدُ لمن خلقتُ طينا، كان من الجن ففسق عن أمر ربه، فهذه الألفاظ إنما تُكشف لنا موقف إبليس الواضح في امتناعه وأبائهِ السجود، وأنه استقبل أمر الله بالرفض والسخرية، ونسبة الظلم إلى الله في ثلاث ٍ من المواضع السبعة السابقة يسألُ الله فيها إبليس عن السبب في امتناعه عن السجود وهو علام الغيوب ولكنه أراد سبحانه أن يُقيم عليه الحجة والبرهان.
ما منعك أن تسجد إذا أمرتك” الأعراف، 12. وقال أيضاً “مالك ألا تكون مع الساجدين” الحجر:32. وقال تعالى أيضاً “ما منعك أن تسجد لما خلقتُ بيدي استكبرتَ أم كنت من العالين“ص:75. وهناك إجابة رابعة دون لأن يكون هناك سؤال “أأسجد لمن خلقتُ طينا” الإسراء:61.
إذن فقد أجاب إبليس عن السبب في امتناعه عن السجود، وأحتجّ بأنهُ أفضل من آدم الذي خُلق من طين في حين أن خلقه من النار، والنار في نظره أشرف من الطين، قاس إبليس وهو أول من قاس، قاس بين النار والطين وظن أن النار أفضل من الطين، إذن فقد زعم أنه خيرٌ من آدم عنصراً وأزكى منه جوهراً، وظن أن لا أحد يُباريه في علة قدره ولا يتشرف إلى سمو مكانته، قال تعالى: “أنّا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقتهُ من طين” ص:76. لقد جهر بالعصيان وصرحَ عن المخالفة والبهتان، واستكبر عن أمر ربه واستنكفَ أن يسجد لمن خلقهُ الله بيده، فصار من الكافرين.


شارك المقالة: