اقرأ في هذا المقال
أحكام الشجاج التي نص الشارع على ديتها الموضحة فما فوق:
إن من أحكام الشجاج التى نصت عليها الشريعة الإسلامية والشارع على ديتها الموضحة، هي كما يلي:
إذا كانت عمداً:
الموضحة: وقد اتفق الفقهاء على أن الموضحة فيها القصاص إذا كانت عمداً. قال ابن قدامة: ولا نعلم في جواز القصاص في الموضحة خلافاً. والدليل على ذلك قوله تعالى: “فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ” البقرة:194. ويمكن المماثلة في استيفاء القصاص في الموضحة من غير تعدٍ أو تجاوز.
شروط استيفاء القصاص في العمد: ويُشترط لوجوب القصاص في الشجاج إذا كانت عمداً ثلاثة أشياء:
– أن يكون عمداً محضاً ولا قصاص في الخطأ إجماعاً؛ لأن الخطأ لا يوجب القصاص في النفس وهي الأصل، ففيما دونها أولى ولا يجب بشبهِ العمد وهو أن يضربه بما لا يفضي إلى ذلك غالباً.
– التكافؤ بين الشاج والمَشجوجِ وهو أن يكون الجاني يُقاد من المجني عليه لو قتلهُ كالحر المسلم مع الحر المسلم. وأما من لا يُقتل بقتلهِ فلا يقتصُ منه فيما دون النفس كالمسلم مع الكافر والحر مع العبد والأب مع ابنه؛ لأنه لا تؤخذ نفسه بنفسه فلا يؤخذ طرفه بطرفه ولا يشجُ بشجتهِ.
– إمكان الاستيفاء من غير حيفٍ ولا زيادة؛ لأن الله تعالى قال:”وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ“، وقال تعالى:”فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ“البقرة:194؛ ولأن دم الجاني معصوم إلا في قدر جنايته فما زاد عليها ويبقى على العصمة فيحرم استيفاء القصاص بعد الجناية إذا وجد الحيف.
المُنقلة والمأمومة: لا خلاف بين الفقهاء في أن هذه الشجاج لا يجب فيها القصاص إن كانت عمداً؛ لأنه لا يمكن اعتبار المساواة فيها إذ لا حد ينتهي السكين إليه وإنما تجب فيها الدية كما تجب فيها إذا كانت خطأ أو شبه عمد. ودليل ذلك النص: عن ابن عباس بن عبد المطلب عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: لا قود في المأمومة ولا في الجائفة ولا المنقلة.
والإجماع: فقد نقل ابن المنذر الإجماع على سقوط القصاص في المأمومة فقال: وأجمعوا لا قود في المأمومة، وكذلك في المنقلة فقال: وأجمعوا على أن المنقلة لا قود فيها.
الهاشمةُ: لا خلاف بين الفقهاء في أن الهاشمة لا يجب فيها القصاص إن كانت عمداً؛ لأنه لا يمكن اعتبار المساواة فيها إذ لا تنتهي إليه السكين، وإنما تجب فيها الدية كما تجب فيها إذا كانت خطأ أو شبه عمد.
الدامغة: الدامغة إن كانت عمداً، فلا قصاص فيها إن لم تفض إلى الموت اتفاقاً؛ لأنه لا يمكن استيفاء القصاص بالمثل لعظم خطرها وخشية السراية إلى النفس، ولذلك يستوي في الحكم فيها عمدها وخطأها إذا عاش المشجوج، ويجب فيها ثُلث الدية قياساً على المأمومة “الآمة” لما روي في حديث عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في المأمومة ثلث الدية.
أما إذا مات فيها المجني عليه فإن الجناية عمداً ففيها القصاص في النفس، وإن كانت شبه عمد أو خطأ ففيها دية ُ نفسٍ كاملة باعتبار صيرورتها جناية على النفس.
إذا كانت الجناية شبه عمد أو خطأ:
- الموضحة: وفي الموضحةِ خمسةٌ من الإبل، إذا كانت شبه العمد أو خطأ اتفاقاً، ودليل ذلك: ما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كتب إلى أهل اليمن كتاباً في الفرائض والسنن والديات، وبحثَ به مع عمرو ابن حزم فقرأتُ على أهل اليمن هذه نسختها: مع محمد النبي عليه الصلاة والسلام إلى شرحبيل ابن عبد كلال، إلى قوله عليه الصلاة والسلام، وفي الموضحةِ خمسٌ من الإبل. وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، فقال: وأجمعوا على أن في الموضحةِ خمسٌ من الإبل.
- المُنقلة: والمنقلة إذا كانت شبه عمداً أو خطاً ففيها خمسةَ عشرة من الإبل. لما رواه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن ابيه عن جده قال: كتب النبي عليه الصلاة والسلام كتاباً لأهل اليمن وفيه: وفي المنقلة خمسة عشرة من الإبل. قال الإمام الشافعي: لستُ أعلمُ خلافاً في أن في المُنقلة خمسةُ عشرة من الإبل.
- الهاشِمة: ويجبُ على الهاشمة إذا كانت شبهُ عمداً أو خطاً عشرةٌ من الإبل. لما رواه قبيسة بن ذؤيب عن زيدُ بن ثابت، أنه قال: في الهاشمةِ عشرٌ من الإبل. وليس يُعرفُ له مخالفٌ من الصحابة، وقول الصحابة حجة. ولأنه لما كانت الموضحة ذاتُ وصفٍ واحدٍ وفيها خمسٌ من الإبل. فكانت الهاشمة ذاتُ وصفين”هشمٌ وإيضاحٌ” فوجب في كل وصفٍ خمسٌ من الإبل.
- المأمومة: ذهب الفقهاء إلى أن في المأمومةِ إذا كانت شبهُ عمداً أو خطاً شبهُ الدية، وذلك لما رواه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه وعن جده: قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى أهل اليمن، قال فيه: وفي المأمومةِ ثلث الدّية.