اقرأ في هذا المقال
- بعض أحكام المرتد
- توبة المرتد واستتابته
- توبة المرتد
- استتابة المرتد
- مدة الإمهال والاستتابة
- صورة توبة المرتد
بعض أحكام المرتد:
إن أحكام المرتد كثيرةً ومتنوعة، ولكن سنذكر في هذا المقال بعضاً منها، ويتكون باب أحكام المرتد من مبحثين وهما: توبة المرتد واستبانتهُ، وما يترتب على ثبوت الردّة ما يلي.
توبة المرتد واستتابته:
لقد حثّ الله عباده جميعاً على التوبة والرجوع إليه من كل ذنب، فقال الله تعالى: “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” النور:31. وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يُكثر من الاستغفار والتوبة إلى ربه، فقال في الحديث الصحيح “والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرةٍ”. وبين عليه الصلاة والسلام، أن باب التوبة مفتوح ٌ للمسيء فقال: “إن الله تعالى يُبسط يدهُ بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها”.
فلا بد أن تكون التوبة عن اختيارٍ من العبد رغبةً فيما عند ربه ورهبته من عذابه لكل عاصي، ولذلك لا تُقبل التوبة عند طلوع الشمس من مغربها ولا عند الغرغرة؛ لأن التائب عندئذ يكون راهبٍ مقهور غير راغب ومضطر غير مختارٍ للتوبة. وأجمعَ بعض العلماء على وجوب التوبة من الذنب.
توبة المرتد:
إذا عاد المرتدّ ورجع إليه معلناً توبته بنفسه، قُبلت توبته وأصبح واحداً من المسلمين، ولكن هل تقبل توبة جميع المرتدين؟ إن في هذه المسألة بعض الخلاف.
1. لقد ذهب بعض العلماء إلى أن التوبة تُقبل من أي مرتدٍ كان، كما وتُقبل من الكافر الأصلي، واستدلوا بعموم النصوص الواردة في التوبة من الكتاب والسنة، وهذا مشهورٌ في مذهب الشافعي ورواية عن أحمد وقول ٌ في مذهب أبي حنيفة.
2. وذهب آخرون وهم الأكثر ألا وهم مذهب مالك، وأحمد في أظهر الروايتين عنه وطائفة من أصحاب الشافعي، وهو قولٌ آخر لأبي حنيفة، قالوا إلى أن التوبة لا تقبل من المنافق؛ لأنه يظهر خلاف ما يبطن، فلا يعلم صدقه، ولكنه إذا فرض إنه صادقٌ في توبته في نفس الأمر نفعه ذلك عند الله. فيكون الحدّ تطهيراً له مثل الزاني يحدّ بعد رفعِ أمره إلى الحاكم وهو تائب.
استتابة المرتد:
فقد ذهب بعض العلماء إلى وجوبها، فلا يُقتل المرتد حتى يُستتاب. لقد فسروا ذلك، بأن المرتد قد يكون تعرضت له شُبهة كانت سبباً في ارتداده، ومن المتوقع أن تزول إذا أُمهل وطلب الرجوع ومراجعته لنفسه، وأن ينظر في شبهته بنفسه، أو سؤال أهل العلم عنها.
والأصل في الدماء أن تُصان ولا تراق، إلا عن بينة، فما دام الاحتمال قائماً فلا يجوز إراقتُها، وهذا هو الأرجح في مذهب الإمام أحمد والشافعي أيضاً. وذهب آخرون إلى أنه لا يجب استتابتهُ إلا إذا طلب المهلة، فإنه يُمهل وجوباً، ولكن الاستتابة مستحبةً، والدليل على ذلك “من بدل دينه فاقتلوه”.
مدة الإمهال والاستتابة:
لقد رأى الحنفية في وجوب إمهال المرتد إذا طلب ذلك، وإن المذهب الراجح عند الشافعي وأحمد هو وجوب الإستتابةِ فما هي المدة التي يجب أن تضرب للإمهالِ عند الحنفية، والاستتابةِ الواجبة عند غيرهم؟. لقد اختلف العلماء في تحديد هذه المدة.
– لقد حددها البعض بثلاثة أيام، قالوا؛ لأن الشارع قد جعلها مدة لإبلاءِ الأعذار.
– وحددها بعضهم بثلاث مرات، فإن تاب، يا إما يُقتل، وهذا رأي الزهري.
– وقال آخرون: إلى أنه يُستتاب في الحال، فإن تاب وإلا قتل على الفور، وهذا قول الشافعي، وهذا المذهب قريب من المذهب الثاني، ولكن الفرق موجودٌ في الظاهر؛ لأن المذهب الثاني فيه تكرارٌ للاستتابةِ، والثالث هو ظاهره عدم ذلك.
– وهناك قولٌ شاذ، وهو إنه يُستتابُ أبداً، وهو مخالف للنصوص ولعملِ سلف الأم وإجماعُها.
والذي يُظهر أن الإستتابةِ واجبة، وأن الإمهال لمدة ثلاثة أيام واجبٌ أيضاً لما ذكر في الموطأ أن رجلاً قدم على عمر بن الخطاب من قِبل أبي موسى الأشعري، فسأله عن الناس فأخبره ثم قال له عمر: ” هل كان فيكم من مغربة خبر فقال: نعم رجلٌ كفر بعد إسلامه، قال: فما فعلتم به، قال: قربناه فضربنا عُنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً وأطعمتموه كلُ يومٍ رغيفاً واستتبتموهُ لعله يتوب ويراجع أمر الله، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر ولم أمر ولم أرضَ إذ بلغني”.
صورة توبة المرتد:
إن صورة توبة المرتد هي أن يدخل الإسلام من جديد، فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. فإن كان ردته بسبب إنكار واجبٍ أو تحليل محرم، أو جحدَ نبي أو كتابٍ فلا بد أن يقرّ ويعترف بما جحد. ويرى بعض العلماء إنه لا بدّ مع الشهادتين أن يتبرأ من الدين الذي انتقل إليه.