ما هي آراء العلماء في زكاة الدين؟

اقرأ في هذا المقال


آراء العلماء في زكاة الدين:

زكاة الدين: ويُعرف الدين بأنّه اسمٌ يدلُ على المال الواجب في الذِّمةِ، ويكون هذا مكان مالٍ آخر قد أتلفه، أو قرضٍ قام باقتراضه، شيء مبيع عقد بيعه، أو شيء فيه منفعة عقد عليها مثل مهر امرأة أو استئجار عين أو ما شابه ذلك.

إنّ الرأي الصائب في بعض أقوال أهل العلم بأنّ الدَّين الذي يُنقص الصواب لا يمنع الزكاة، ومن الأمثلة على ذلك: رجلٌ يملك عشرين ألف ريال حال الحول، وعليه دينٌ يبلغ عشرة آلاف ريال، فعليه زكاة العشرة إلّا أن يقضي الدين قبل أن يحول عليه الحول، فليس عليه زكاة إلّا في الباقي بعد الدّين، وكذلك لو كان عليه دينٌ يستغرق النصاب أو يزيد عليه فعليه كذلك زكاة المال الذي يحول عليه الحول وهو عنده، ومثال ذلك: شخص ما عليه دين ثلاثون ألفاً وعنده خمسة وعشرون ألفاً دار عليها الحول، فعليه أن يُزكي كل ما دار عليه الحول، وإن كان صادقاً فليقض الدين قبل أن يحول الحول؛ لأنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان يأمر عمّاله بأخذ الزكاة ممّن عليه زكاة، ولم يأمرهم أن يسألوهم: هل عليهم دين أم لا؟

ولو كان الدَّين يمنع الزكاة؛ لأمر النبي عليه الصلاة والسلام عُمَّاله أن يستفسروا من أهل الزكاة: هل عليهم دين؟ وهو قول ربيعة، وحمّاد بن أبي سليمان والشافعي في جديد قوله؛ لأنّ المالك حرٌّ مسلم ملك نصاباً حولاً فوجبت عليه الزكاة كمن لا دينَ عليه.

أنواع زكاة الدين:

للزكاة الدين نوعان وهما:

النوع الأول: وهو أن يكون هذا الدين مليءٌ ويعترفُ به وباذلٌ له، فيتوجب على صاحب هذا النوع من الدين الزكاة في كل سنة وكلما حال عليه الحول، كأنّه عنده وهو عند المدين مثل الأمانات، ومن هذا الرأي كان قول الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله، وهو قول عثمان، وابن عمر، وجابر رضي الله عنه، وطاوس، والنخعي، وجابر بن زيد، والحسن، وميمون ابن مهران، والزهري وغيرهم قالوا: إخراجِ الزكاة في الحال وحتى وإن لم يقبضه؛ لأنّه قادر على أخذه والتصرفِ فيه فلزمهُ إخراج زكاته مثل الوديعة، وهذا هو الأمر الراجح.

النوع الثاني: وهو إذا كان الدَّين على شخص مُعسر أو على شخصٍ جاحد أو شخصٍ مماطل، فالصحيح من أقوال العلماء أنّه لا يلزم صاحب الدين أداء الزكاة عنه حتى يقبضهُ من هذا المُعسر أو المماطل، فإذا قبضه استقبل به حولاً جديداً، وإذا حال الحول زكَّاة ولا تلزمهُ زكاتهُ إذا قبضه إلّا بعد حول كامل على الصحيح، ولو زكاهُ بعد قبضة عن سنةِ واحدة، كان أحسن فيه احتياط لكن لا يلزمهُ ذلك، وقال في ذلك الأمر ابن باز.

ما حكم إسقاط الدين في الزكاة:

لا يصحُ أن نُسقط الدَّين من الزكاة؛ لأنّه من الواجب النظر في حال المُعسر حتى يُسهل الله له القضاء، ولأنَّ الزكاة إيتاءً وإعطاء وبذلاً للمال لمستحقيه، وليس إبراءً من الديون، وإسقاط الدَّين عن المعسرِ ليس إيتاءً ولا إعطاءً، وإنّماء هو إبراء؛ ولأنّه الهدف من ذلك وقاية المال لا مواساة الفقراء.

هل يُمنع الدين من إخراج الزكاة:

لقد اختلف الفقهاء في كون أنّ الدين يُمنع من الزكاة على عدّة أراء وهي:

الرأي الأول: وهو أنّ الأموالِ التي تكون باطنة فإنّها تُشبه النقد وعروض التجارة، فلا تصحُ فيهم الزكاة إذا كان الدين يُنقصها عن الصواب؛ وذلك لأنّ الله تعالى شرع الزكاة لأجل المواساة، وأن من عليه دينٌ ينقص النصاب أو يستغرقه فلا يجوز وصفه بالغنى، بل هو أهلٌ لدفع الزكاة إليه. أمّا الأموال التي تكون ظاهرة مثل المواشي والثمار فإنه لما كان المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم  وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم إرسال السعاة لأخذ الزكاة منها دون أن نسأل هل على أهلها ديون أم لا فإنّ الحكم فيها يختلف عن الأموال الباطنة، وهذا هو قول مالك في مذهب أحمد، في الأموال التي تكون ظاهرةً.

ودليل الجمهور على هذا الرأي هو قول النبي عليه الصلاة والسلام: “خيرُ الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول” رواه البخاري. وهذا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قالوا : أنّه المدين ليس غني. واستدلوا أيضاً بما قاله أبو عبيد في الأموال بسندٍ صحيح أنّه عثمان رضي الله عنه قال: “هذا شهرُ زكاتكم، فمن كان عليه دين، فليؤدِّهِ حتى تُخرجوا زكاة أموالكم. وفي روايةٍ أخرى، أنّ من كان عليه دين فليقضِ دينه وليترك بقية ماله.

الرأي الثاني: أمّا هذا وهي أن الأموال التي تكون ظاهرة وباطنة؛ فيكونُ حكمها واحد من ناحية عدم وجوب الزكاة فيهما، إن كان الدينُ يستغرقهما، وهذا هو قولُ عطاء والحسنُ وميمون في مذهب احمد.

الرأي الثالث: أمّا في هذا الرأي وهو القول بأنّ الزكاة تتوجبُ على الجميع سواء أنّهم استغرقوا الدين أو لم يستغرقوه، وذلك لأنّ الأدلة التي تدلُّ على وجوب الزكاة في جميع الأموال التي تكون ظاهرة والأموال الباطنة، ولا يوجد فيها ما يدلُّ على مراعاة الدين، لذلك وجب التعميم، وهذا هو قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن وحماد بن سليمان والشافعيُّ في الجديد، وهو اختيار سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله والشيخ محمَّد الصالح العثيمين رحمه الله وهو اختيار اللجنة الدائمة وهو الراجح.


شارك المقالة: