الشجاج:
تُعرف الشِجة: بأنها عبارة عن الجُرج الذي يكون في الرأس والوجه، فإذا وُجد في غيرهما فيُسم~ى هذا جرحاً لا شجةً وتأتي على عدة أنواع. منها الحارصة التي تحمي أو تحرص الجلد والتي لا تُدميه، ويُطلق عليها أيضاً اسم القاشرة، ثم يأتي بعدها البازلة الدامية؛ وسميت كذلك لقلة سيل الدم منها تشبيهاً بخروج الدمع من العينK وهي التي يسيل منها الدم، ثم بعدها الباضعة: وهي التي تبضع اللّحم، أي أنها تشقه بعد الجلد، ثم يأتي بعدها المتلاحمة: وهي الغائصة في اللحم، ثم يأتي بعد ذلك السمحاق: وهي ما بينها وبين العظم قشرة رقيقة، فهذه الخمس لا مقدر فيها، بل فيها حكومة.
أنواع الشجاج من حيث أثرها على المجني عليه:
- الحارصة في اللغة: هي من الحرص بفتح الحاء، أي الشق والخرق، يقال: حرص قُصارالثوب، إذا شقهُ أو خرقه بالدقّ. أما في الاصطلاح: فقد ذهب جمهور الفقهاء إلا أن الحارصة هي الشجة التي تحرص الجلد، أي تخدشهُ وتشقهُ شيئاً يسيراً ولا تُدميه، وتُسمى أيضاً بالقاشرةِ والخادشةِ لأنها تُقشر شيئاً قليلاً من الجلد وتُخدش ولا يظهر منها الدم.
- الداميةِ: وهي في اللغة: من دُمي الجرح يُدمى دمياً إذا خرجَ منه الدم، وشجةُ الدامية: شُجة تشق الجلد حتى يظهرُ منها الدم ويسيل. أما في الاصطلاح: فقد اختلف الفقهاء في معنى الدامية، فيقول الحنفية: أن الدامية هي التي تُخرج الدم وتُسيله ولا توضح العظم، وهو ما ذهب إليه الحنابلة الذين يسمونه أيضاً البازلة.
أما المالكية والشافعية: فإنهم يُسايرون المعنى اللغوي، فعند المالكية: هي التي تُضعف الجلد، فيرشحُ منه الدم من غير أن يشقَ الجلد. أما عند الشافعية: وهي التي تُدمى من غير سيلان الدم. - الدامعةِ: وهي في اللغة: من دمعة العين دمعاً أي سالَ دمعها، والدمع: هو ماءُ العين وشجة دامعةٌ: أي تسيلُ دماً، فالدامعةُ من الشجاج: وهي التي يسيل منها الدمع قطراً كدمع العين.
أما الدامية في الاصطلاح: لقد اختلف الفقهاء في معنى الدامعة: فهي عند الأحناف: هي التي تُظهرُ الدمع ولا تسيله، كدمع العين.
قال المرغيناني: الدامعةُ هي التي تظهر الدم ولا تُسيله كدمعٍ من العين.
وذهب بعض متأخري الحنفية: إلى أن الدامعةَ تُظهر الدم وتُسيلهُ.
وقال الزيلعي من الحنفية: أن الدامعةُ هي التي يسيل منها الدم كدمع العين.
أما الشافعية: فإنهم يُسايرون المعنى اللغوي ويقولون: بأن الدامعة تُسيل الدم، علماً أنهم يفرقون بين الدامية والدامعة.
قال الخطيب الشربيني: والدامية بمثابة تحتيةٍ خفيفة وهي التي تُدمية بضمِ أوله، أي في الشق من غير سيلان دم فإن سال فدامعةٌ بعين مهملة.
فحين ذهب المالكية والحنابلة إلى أن الدامعة والدامية يأتيان بمعنى واحد: وهي التي تُضعف الجلد فيرشحُ منه الدم كدمعِ من غير أن ينشق الجلد، والحنابلة يُسمونها البازلة والدامية أيضاً.
قال القرافي من المالكية: سميت الداميةُ لأنها تُدمى، وهي الدامعةُ بعينٍ مهملة؛ لأن دمعها أكثر إلزاماً يقطرُ كالدمع. - الباضعة: وهي في اللغة: الشق يُقال: بَضع الرجل الشيء يبضعهُ إذا شقهُ، يُقال شُجة باضعتهُ إذا قطعت الجلد وشقت اللحم. وفي الاصطلاح: اتفق الفقهاء على أن الباضعة: هي الشُجة التي تقطع الجلد وتشقُ اللحم وتدميه، ولا يسيلُ منها الدم ولا تبلغُ العظم.
- المتلاحمة: وتعرف المتلاحمة في اللغة: اسم فاعل من تلاحمت الشجة إذا أخذت في اللّحم، أو تلاحمت إذا برأت والتحمت، والمتلاحمةُ هي التي تشق اللحم ولا تُصدع العظم، ثم تلتحم بعد شقها. وقيل :التي أخذت في اللحم ولم تبلغ السمحاق. وفي الاصطلاح: عرفها الفقهاء بما يقرب من المعنى اللغوي، فقالوا: هي التي تأخذ في اللحم فتقطعهُ كله، ثم يتلاحمُ بعد ذلك أي يلتئم ويتلاصق. وسميت بذلك تفاولاً بما يؤول إليه، وتسمّى أيضاً ملاحمة.
- السمحاق: وتعرف في اللغة بكسر السين وبالحاءِ المهملتين قشرةً رقيقة فوق عظمِ الرأس تفصلُ بين اللحم وعظم الجمجمة، وبها تُعرف هذه الشجة إذا ما وصلتها. وتُسمّى أيضاً الملطاة من المَلطى بالقصر، والملطى هو ذات القشرةِ الرقيقة التي تكون بين عظمة الرأس ولحمه. وفي الاصطلاح: تُطلق عند جمهور الفقهاء على الشجة التي تصلُ إلى تلك القشرة فتقطعُ اللحم ولا تصلُ إلى العظم.
- الموضحة: وفي اللغة هي من الوضوح، يٌقال: وضحَ الشيء واتضحَ وضوحاً، إذاً انكشف وانجلا. وفي الاصطلاح: هي التي شقت الجلدةُ بين اللحم والعظم، حتى بلغت العظم، فأوضحت عنه.
- الهاشمةُ: وهي في اللغة: شجةٌ تهشمُ العظم أي تُكسرهُ. وفي الاصطلاح: عرفها جمهور الفقهاء بأنها الشجةِ التي تُهشم العظمَ بعد أن توضحهُ.
- المنقلة: وهي اللغة: بكسر القاف المشددة، الشجة هي التي تنقل العظم أي تكسره حتى يخرج منهُ فراش العظام. أما في الاصطلاح: فقد عرفها الحنفية: هي التي تكسرُ العظمَ وتحوله من موضعهُ.
وقال الكاساني: المنقلة هي: التي تنقلُ العظم بعد الكسرِ أي تحولهُ من موضعٍ إلى موضعٍ آخر.
وعرفها المالكية: بأنها ما ينقلُ بها فراش العظم، أي العظم الرقيق الكائن فوق العظم كقشرة البصلِ.
وقال الدسوقي: إن المُنقلة هي التي أطار أي بمعنى أزال الطبيب ونقلَ صغار العظم منها لأجل الدواء.
وعرفها الشافعية: بأنها هي التي تنقل العظم من موضعٍ إلى موضع آخر بعد هشمهِ.
وقال الماوردي: إن المنقلة وهي التي تزيدُ على الهاشمة بنقل العظام من مكانٍ إلى مكان آخر.
وعرفها الحنابلة بأنها: هي التي توضحُ العظم، وتهشمهُ وتنقل عظامهُ بتكسيرها.
قال ابن قدامة: إن المنقلة هي التي تكسرُ العظام وتُزيلها عن موضعها، فيحتاجُ إلى نقل العظامِ ليلتئم. - المأمومة: وتُعرف في اللغة: بأنها الشجة التي تبلغُ أم الرأس أو أُم الدماغ، وهي الجلدةُ التي تجمع الدماغ، ويُقال لها: أمةٌ وجمعها أو أُمٌ ومأموماتٌ ومَأميم.
- الدامغة: وتُعرف في اللغة كما يلي: هي مأخوذة من دمغهُ دمغاً، أي أصاب دماغهُ إذا بلغت الشجة الدماغ، والدامغة من الشجاج التي تُهشم الدماغ ولا حياة معها غالباً. أم في الاصطلاح: فلا يخرج المعنى الاصطلاحي للدامغةِ عند الفقهاء عن المعنى اللغوي، فقالوا: هي التي تخرق خريطة الدماغ” الجلدة الرقيقة الساترة للدماغ” وتصلُ إليه.
وهي مُذففة غالباً أي أنها مميتة، ولذلك اعتبرها محمد بن الحسن من الحنفية جنايةً على النفس وليست من الشجاج لحدوث الموت بعدها غالباً فكانت عنده قتلاً لا شجا.
قال الكاساني من الحنفية ومحمد. يعني به محمد بن الحسن. ذكر الشجاج تِسعاً ولم يذكر الحارصة ولا الدامغة؛ لأن الحارصة لا يبقى لها أثر عادةً والشِجَة التي لا يبقى لها أثرٌ لا حكم لها في الشرع والدامغة لا يعيش الإنسان معها عادة، بل تصيرُ نفساً ظاهراً وغالباً فتخرج من أن تكون شجة فلا معنى لبيان حكم الشجة فيها لذلك ترك محمد ذكرهما.