اقرأ في هذا المقال
الإجراءات التي يقوم بها أهل العرف للإصلاح ومقارنتها بالشريعة الإسلامية:
أولاً: إن الإجراءات التي يقوم بها أهل العرف للإصلاح هي إيصال الحق إلى صاحبه، ويتمثّل في عدة خطوات واجراءات، وهي أساسية وضرورية للوصول إلى الحل المرضى لطرفي النزاع، وهذه الخطوات تتمثل في: الاستجارة، الوجه، العَطوة، الكفالة، الصلح العشائري.
الاستجارة أو الدخالة:
واستجار أي بمعنى استغاث به، والتجأ إليه، أي أنه طلب الحماية والإجارة، وتعني دخالة الجاني وعشيرته بعشيرةٍ معينة للوقوف معها، وذلك لحين إتمام إجراءات عملية الصلح، إذ الاستجارة تنشأ عندما يطلب الجاني وعشيرته دخالتُهم بشخصٍ أو عشيرة ما عند وقوع الجريمة مباشرة، بحيث يقوم صاحب الدخالة بإعلان ذلك إلى أهل المجني عليه.
فالدخالةُ هي أولى الخطوات المتّبعة في إجراءات الصلح، إذ أنها تهدف إلى إزالة حدة التوتر بين الأطراف المتنازعة وحلّ الخلافات الفردية والجماعية. أيضاً وتهدف إلى عدم إرغام الخصم القوي على اتباع الأعراف والتقاليد بهدف إحقاق العدالة بين أفراد المجتمع القبلي بغض النظر عن مدى قوة كل خصم، ففكرة الدخالة مرتبطة ارتباطاً قوياً بعنصر العدالة في المجتمع القبلي.
وهذا لا يتعارض مع الإسلام، قال تعالى: “وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ” التوبة:6. ووجه الدلالة أعطى الله الأمان للمشركين الذين استجاروا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على مشروعيتها، وإذا كانت جائزة للكفار فكيف الحال مع المسلمين؟
الوجه:
وهو فرض نفوذ شخص معين على الطرفين المتخاصمين في عدم اعتدائهم على بعضهم البعض، أي فرض حمايته على الطرفين، بدليل أن الشخص الذي يعتدي في ظل الوجه دفع لمقاضاة صاحب الحق؛ لأنه اعتدى في ظل وجهه. مثلاً: إذا نشب نزاع بين طرفين، قد يأتي أحد الوجهاء، ويقول على مرأى ومسمع من المتنازعين وجهي على هذه القضية، فالمفروض هنا أن يخلد الطرفان للسكينة، ويَعمدا إلى حل هذه المشكلة بالوسائل القضائية أو بالمصالحة أو بالتفاهم المباشر. وهذا يكون من باب الجوار والحماية والإصلاح بين الناس وهو أمر مشروع.
والدليل على ذلك حديث أم هاني بنت أبي طالب رضي الله عنها: ” قلت يا رسول الله زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً قد أجرته، فلان ابن هبيرة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت يا أم هاني”. صحيح البخاري.
ومدة الوجه ثلاثة أيام أو أقل أو أكثر حسب نوع المشكلة والمجني عليه، ويكون بين طرفي النزاع، وهو نوعان:
1- وجه عادي: يكون بقبول روضا من الطرف المجني عليه.
2 – وجه ملزم: ويحدث عندما يرفض المجني عليه قبول الوجه، فيقول أحد الوجوه: وجه فلان على هذه القضية، ويترك المكان فوراً.