ما هي الحكمة من تحريم البغي؟

اقرأ في هذا المقال


الحكمة من تحريم البغي:

إن البغي هو انتهاك للأمن العام، وإستخفافٌ بولي الأمة ومُنابذة لهم، ويحصل الشر والفوضى والفساد، ممّا يُسبب ذلك في قتل الأنفس المعصومة، وسلب الأموال والسطو على المحلات التجارية، واستباحة المرافق العامة، وتخريب المؤسسات المالية والاقتصادية للدولة، ويُعد هذا خرابٌ للذم وتخريبٌ للدولة؛ ممّا لا يخفى فساده.
فجميع الأموال العامة ملكٌ للأمة وليست ملكاً للحاكم، والحاكم ليس له حقٌ في هذه الأموال، إلا إنه يملك حق الإشراف عليها وإنفاق المال من وجهه الصحيح. وإذا كانت هذه الأموال ملكاً لمجموع الأمة فهي أموالٌ معصومة ولا يحل لأحدٍ يؤمن بالله أن يخوضَ بها بغير حقٍ أو أن يستحلّ منها ما يستحله من الأموال المُباحة. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم:”إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة”. لذلك يتوجب علينا أن لا نتعدى على الأموال العامة بالسرقة، والنهب والسلب؛ لأن الله حرم الظلم والبغيُ وذلك حفاظاً على أموال الدولة.

قال الشيخ العز بن عبد السلام: أنه لا يتصرف في أموال المصالح العامة إلا الأئمة ونُوابهم، فإذا تعذر قيامهم بذلك، وأمكن القيام بها ممّن يصلح لذلك من الآحاد بأن وجد شيئاً من مال المصالح فليصرف إلى من يستحق على الوجه الذي يجب على الإمام العادل أن يصرفه فيه بأن يقدم الأهم فالأهم والأصلح فالأصلحُ، فيُصرف كلُ مالٍ خاص في جهاته، أهمها فأهمها، ويصرف ما وجده من أموال المصالح العامة في مصارفها أصلحها فأصلحها؛ لأن لو منعنا ذلك لفاتت مصالح صرف تلك الأموال إلى مستحقيها، ولإثمِ أئمة الجور بذلك فقد ضَمنوه.

فكان تحصيل هذه المصالح ودرء هذه المفاسد أولى من تعطيلها وإن وجدت أمولاً مغضوبة، فإذا عُرفوا مالكيها فليُعيدوها عليهم، وإن لم يعرفها فإن تعذرت معرفتهم بحيث يئس من معرفتهم صرفها في المصالح العامة أولاها فالأولى، فقال تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ“المائدة:2.
وهذا يسمّى برٌ وتقوى فقال النبي عليه الصلاة والسلام:”والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”. فإن جاز رسول الله صلّى الله عليه وسلم لهند أن تأخذ من مال زوجها أبي سفيان ما يكفيها هي وولدها بالمعروف، مع كون المصلحة خاصة، لأن ذلك يجوز في المصالح العامة، ولا سيما الظلمة للحقوق.


شارك المقالة: