ما هي النيابة في الحج والعمرة؟

اقرأ في هذا المقال


النيابة في الحج:

النيابة لغة: هي مصدر للفعل نابَ، ويراد بها في اللغة معنيان:
الأول: القيام مقام الأصيل، فنقول: أَنبتُ فلاناً عني، أي “أقمته مقامي”.
الثاني: هي الفرصة والحظ والقسط، ومنهم قولهم: جاءت نوبتك، أي جاءت فرصتك.
أما النيابة في اصطلاح الفقهاء فهي مأخوذة من المعنى الأول دون الثاني.
فلم يتوسع الفقهاء في تعريف النيابة كما توسعوا في تعريف بعض المصطلحات المشابهة بها كالوكالة مثلاً، غير أن
بعضهم عرفها بتعريفات لم تسلم من الإعتراض، فمن ذلك:
إن ماجاء في شرح الزرقاني، أنّ النيابة هي وقوع الشيء عن المنوب عنه، مع سقوطه عنه.
وورد في هذا التعريف إعتراضان:
الأول: أنه عرّف النيابة بأثرها لا بماهيتها.
الثاني: أنه قطع بسقوط المنوب فيه مطلقاً، دون اشتراط.
وعرّفها الدكتور صالح الهليل، بأنها: قيام شخص عن غيره بأمر من الأمور.
ويردُ على هذا التعريف أنه لم يُشر إلى شروط النائب وصلاحيته للنيابة؛ فقد يكون مثلا النائب مجنونا أو صغيرا أو ما شابه ذلك.

حكم النيابة في الحج:


إن الأصل هو المنع من النيابة في العبادات دون العادات، وألا يقوم أحد عن أحد بعبادة إلا ما قام الدليل على صحة النيابة فيه.
ودليل هذه القاعدة عموم النصوص الدالة على أن العبد ليس له إلا سعيه، من ذلك قوله تعالى: “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى“(النجم: 39).
وقوله عز وجل: “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى”(الأنعام: 164).
وأخذ جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، جواز النيابة في الحجّ أو في بعض أعماله إذا عجزَ عن أداء ذلك بنفسه.

أما المالكية فقد اعتبروا أن الحج وإن كان عبادة مركبة من بدنية ومالية؛ فإنه غلب فيه جانب البدنية، فلا يقبل النيابة، ومن عَجِزَ عن أداء النسك بنفسه فقد سقط عنه الحج، ولو استأجر من يحج عنه – سواء كان مريضًا أو صحيحًا، كان الحج فرضًا أو نفلاً – فلا يكتب له ثواب الحج، بل يقع نفلاً للأجير، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39].

وقد اشترط الجمهور لصحة حج النائب عن المريض أو المسِنِّ أن يكون قد أدى فرضه؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: “من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي قال: أحججتَ عن نفسك؟، قال: لا، فقال له: فحُجَّ عن نفسك، ثم حج عن شبرمة”.

وأجاز الحنفية، والمالكية في الحج عن الميت”( وهي رواية عن الإمام أحمد أن يحج عن غيره من لم يحجّ عن نفسه، لقوله عليه الصلاة والسلام”إنما الأعمال بالنيات وإنّ لكل إمرءٍ مانوى“.

شروط النيابة في الحج:

إذا كان الحاج متطوعا بالحج نيابة عن غيره، سواء أكان قريباً له أو غير قريب، فإنه لا بد أن يكون قد حج عن نفسه قبل ذلك، ولا يتغير من صفة الحج إلا النية بأن ينوي الحج عن هذا الشخص ويسميه في التلبية فيقول:
(لبيك عن فلان)، ثم في الدعاء في المناسك يدعو لنفسه ويدعو لهذا الذي يحج عنه، أما ما يؤديه الحاج عن
غيره من مناسك فهي لا تختلف عن مايقوم به الحاجّ الصحيح وفق السنة، ووفق الشروط الصحيحة وهي مايلي:

1. يُحرم الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة من مكة أو من مكان قريبٌ من الحرم، ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الغُسل، والطيب، والصلاة، فينوي الإحرام بالحج ويلبي، وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة، إلا أنه يقول هنا:“لبيك حجاً” لا أن يقول “لبيك عمرةً”.

2. ومن ثم بعد ذلك يذهب إلى مِنى ليبيت فها، ويصلّي فيها الفروض الخمسة: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء.

3. فإذا طلعت الشمس في اليوم التاسع يسير إلى عرفة، ويصلّي بها الظهر، والعصر جمع تقديم قصراً، ثم يجتهد في الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس.

4. فإذا غربت سار إلى مزدلفة، ليصلي بها المغرب والعشاء حين وصوله، ثم يبيت بها إلى أنّ يصلّي الفجر، فيذكر الله تعالى ويدعوه إلى قُبيل طلوع الشمس.

5. ثم يسير منها إلى مِنى ليرمي جمرة العقبة، وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر تقريباً ويكبر مع كل حصاة.

6. ثم بعد ذلك يذبح الهدي، سواء شاة، او بقر، أو ماشابه ذلك.

7. ثم يحلق رأسه إن كان رجلاً، وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق، ويكون تقصيرها بمقدار أنملة من جميع شعرها.

8. ثم يذهب بعد ذلك إلى مكة، ليطوف طواف الحج الأخير .

9. ثم يرجع إلى مِنى فيبيت فيها تلك الليالي، وهي: ليلة الحادي عشر، والثاني عشر من شهر ذي الحجة، ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمسن كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، ويبدأ بالصغرى وهي الأبعد عن مكة ثم الوسطى، ويدعو بعدهما، ثم يرمي جمرة العقبة الأخيرة، وليس بعدها دعاء.


10. فإذا أتمّ رمي الجمار في اليوم الثاني عشر إن شاء تعجّل ونزل من منى، وإن شاء تأخر فبات بها ليلةَ الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال، والتأخر أفضل.
ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر إلا وهو بمنى، فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال.
ولكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير إختياره مثل: أن يكون قد إرتحل وركب، ولكن إن تأخر بسبب إزدحام السيارات ونحوه، فإنه لا يلزمه التأخر لأن تأخره إلى الغروب بغير إختياره.

11. فإذا انتهت تلك الأيام وأراد السفر: لا يسافر حتى يطوف بالبيت الحرام طواف الوداع سبعة أشواط، إلا المرأة الحائض والنفساء فلا طواف ولا وداع عليها.


شارك المقالة: