حضارة عاد قوم هود عليه السلام:
إن حضارة عاد قوم هود عليه السلام تشتمل على ما يلي:
- الاستقرار الأمني والسياسي لقوم عاد:
إن من أعظم نعم الله عزّ وجل على الناس نعمة الأمن والأمان، والاستقرار الأمني من أعظم نعم الله عزّ وجل التي تستحق الشكر والحمد والثناء؛ لأنها من أكمل النعم فالإنسان إذا شعر بالأمن والأمان سكنت نفسه وهدأت، فقد مكن الله تعالى لقوم هود في الأرض، وأنعم عليهم بنعمة الاستقرار الأمني، وجعلهم خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح، وقد زادهم الله في الخلق بسطة، وزادهم قوة إلى قوتهم فقد مكنهم في البلاد فحكموا البلاد بالقوة والسلطان وسيطروا على البلاد كلها في ذلك الزمن ومن الأدلة الواضحة على هذا الاستخلاف والتمكين لقوم عاد في الأرض قوله تعالى: “أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” الأعراف:69. - التقدم العمراني العمراني والصناعي لقوم عاد:
بعد أن الله تعالى على قوم عاد بالأمن والاستقرار والتقدم السياسي في ذلك الزمان على جميع الأقوام الذين عاصروهم، فقد من الله عزّ وجل على قوم عاد وأنعم عليهم بالتحضر العمراني، فكان لقوم عاد تقدم عمراني لم يكن لغيرهم من قبل، وقد أشار الله عزّ وجل في كتابه الكريم إلى ذلك، فقال تعالى: “أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ–وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ” الشعراء:128-129.
وذكر سيد قطب في تفسير قوله تعالى: “وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ” إن قوم عادٍ كانوا قد بلغوا من الحضارة الصناعية والعمرانية مبلغاً يذكر حتى لتتخذ المصانع لنحتِ الجبال وبناء القُصور، وتشييد العلامات على المرتفعات وحتى ليَجول في خاطر القوم أن هذه المصانع وما يُنشؤونه بِوساطتها من البنيان كافية لحمايتهم من الموت ووقايتهم من مؤثرات الجو ومن غارات الأعداء ومن نقب اللصوص وحوادث الدهر. - التقدم الزراعي لقوم عاد:
إن من أعظم النعم أن ينعم الله على الناس بالجنات من النخيل والبساتين والزروع الوفيرة، فقد أعطى الله عزّ وجل قوم عاد جنات من الزروع والبساتين الجملة المليئة بالزرع وقد أنعم الله عليهم بأنهُ أمدهم بالأنعام والبنين، فقال تعالى: “وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ–أمَدّكّم بأنعمٍ وبنين- وجَنتٍ وعُيُونٍ” الشعراء:132-134.
ذكر القرطبي في تفسيره هذه الآية: “واتّقوا الذي أمَدّكم بما تعلمون” أي من الخيرات، ثم فسّرها بقوله تعالى: “أمَدّكُم بأنعمٍ وبنين- وجَنّتٍ وعُيُونٍ” أي سخذرَ ذلك لكم وتفضّل بها عليكم، فهو الذي يجبُ أن يُعبد ويُشكر ولا يُكفر.