ما هي حقيقة إبليس مع آدم عليه السلام؟
من هو إبليس؟ وإلى أي المخلوقات ينتسب؟ هل هو ملاك؟ أم جني، هذه القضية كانت محل خلافٍ بين العلماء.
آراء علماء الإسلام في حقيقة إبليس:
لقد اختلف العلماء في نوع إبليس على قولين وهما:
الأول: إن إبليس ينتسب إلى الجن: فقد ذهب إلى هذا القول ابن زيد والحسن وقتادة وقالوا إن إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو البشر. قال شهر بن حوشب وبعض الأصوليين: كان من الجن الذين كانوا في السماء وقاتلهم الملائكة، فسبوه صغيراً وعد مع الملائكة وخُوطب. وقال الحسن البصري: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عينٍ قط وإنهُ لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس. وقال ابن مسعود: كان إبليس من الجن فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليهم جنداً من الملائكة فقتلوهم وأجلوهُم إلى جزائر البحار، وكان إبليس ممن أسر، فأخذته الملائكة إلى السماء فكان هناك، فلما أمرت الملائكة امتنع إبليس منه، فطرده الله من رحمته.
وسمي الجن جناً لاجتنانهم أي استتارهم؛ لأن الاجتنان هو الاستتار وهو مأخوذ من جن الليل إذا أظلم فستر الأشياء بظلامه، وسميت الجنة لأنها تستر بأشجارها الكثيفة من يدخلها، وسمي الجنين لاستتارهِ في بطن أمه. والجن هم نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان، ولكنهم مُجردون عن المادة البشرية، مستترون عن الحواس لا يرون على طبيعتهم ولا بصورتهم الحقيقية ولهم قدرة على التشكيل.
وأدلة وجودهم من القرآن والسنة:
– القرآن: هناك أيا كثيرة تحدثت عن الجن منها سبيل المثال، قال تعالى: “وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون” الذاريات:56. وقال تعالى: “وإذا صرفنا إليك نفراً من الجن يستمِعون القرآن” الأحقاف:29. وقال تعالى: “وخلق الجان من ماجٍ من نار” الرحمن:15. وقال تعالى: “قل أوحي إليّ أنه نفرٌ من الجن فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجبا” الجن:1.
– السنة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ. وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء. وأرسلت عليهم الشهب. فرجعت الشياطين إلى قومهم. فقالوا: مالكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء. وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث. فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها. فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء. فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها. فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ. وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له. وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء. فرجعوا إلى قومهم فقالوا: “إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا” الجن:1-2 فأنزل الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: “قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ” الجن:1. صحيح مسلم.
المادة التي خلق إبليس منها:
يقول الله تعالى تعالى: “ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حمأٍ مسنون والجانَ من قبلُ من نار السموم” الحجر:26-27. وقال الله عند الحديث عن إبليس “خلقتني من نار” ص:76. وقال تعالى “خلق الإنسان من صلصالٍ كالفخار وخلق الجانَ من مارجٍ من نار”. الرحمن:13-15. فالجانِ خلق من نارٍ لا دخان فيها؛ لأن السموم هو لهب النار الخالص وخلقت الجن قبل خلق آدم فسكنوا الأرض وأفسدوا فيها.
ما هي طوائفهم؟
إن الجن هي طوائف منهم الصالح ومنهم الطالح، ومنهم المؤمن وفيهم الكافر وهم الكثرة، قال تعالى: “وأنا منّا الصالِحُونَ ومنّا دون ذلك كنا طرائقَ قددا” الجن:11. وقال أيضاً: “وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأؤلئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا” الجن:14. فالجنُ فيهم الذكر والأنثى، فهم يتناكحون ويتناسلون ولهم ذرية، ويأكلون ويشربون ويموتون إلى غير ما هنالك مثل أحوال البشر.
ما هو تكليفُهم:
إن الجن مكلفون كالبشر ورُسُلهم من البشر فقال تعالى: “وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون” الذاريات:56. وقال أيضاً “يا معشر الجن والإنسِ ألم يأتيكُم رسلٌ منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا“. الأنعام:128. وقد اختلفوا بأنهُ هل يكون في الجن رسلٌ فالأكثرونُ على أنه لا رسل فيهم كما قال تعالى: “وما أرسلنا من قبلك إلا رجلاً نوحي إليهم من أهل القُرى”. يوسف:109. وعن الحسن البصري قال: لم يبعث الله نبياً من أهل البادية ولا من الجن ولا من النساء. وقال قتادة: ما نعلم أن الله أرسل رسولاً قط إلا من أهل القرى لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العمور.