ما هي حكمة تحصين الرجل الحرة دون الأَمة؟

اقرأ في هذا المقال


حكمة تحصين الرجل بالحرة دون الأَمة:

إن من شروط الإحصان الموجب لحدّ رجم الزاني: هو أن يطأ الرجل الحرّ العاقل امرأة عاقلة حرّة في نكاح صحيح. فلو كان الزوج على سبيل المثال غير حرّ، ثم زنا لم يكن محصّناً، هذا في قول جمهور أهل العلم. لقد بيّن ابن القيم أن نفاة المعاني والقياس، ذكروا في اعتراضهم المشهور على نفي القياس، بأن الشرع قد فرّق بين المتماثلين، حيث جعل الحرّة القبيحة، تحصّن الرجل دون الأمة الجميلة.
وحكمة التشريع في هذا التفريق هي قولهم: جعل الحرّة القبيحة الشوهاء تحصّن الرجل، والأَمة التي تكون باهرة الجمال لا تحصنه، فهذا تعبيرٌ سيء عن معنى صحيح.
فإن حكمة الشارع اقتضت وجوب حدّ الزنا على من اكتملت عليه نِعمُ الله بالحلال، فيذهب به إلى الحرام. ولهذا السبب لم يوجب كمال الحدّ على من لم يحصن، واعتبر الإحصان هو أكمل أحواله: وهو أن يتزوّج بالحرّة التي يرغب الناس بمثلها، دون الأَمة التي لا يُبيح الله نكاحها إلّأ عند الضرورة، فالنعمة بها ليست كاملةً دون التسري الذي هو في الرتبة دون النكاح، فإن الأَمّة وإن كانت ما عسى أن تكون فإنها لا تبلغ مرتبة الزوجة، لا شرعاً ولا عُرفاً، ولا عادةً، بل جعل الله لكل منها رتبة، والأَمة لا تُراد لما تراد له الزوجة، ولهذا كان له أن يملك من لا يجوز له نكاحها، ولا قُسم عليه في ملك يمينه فأمته تجري في الابتذال والامتهان والاستخدام مجرى دابته وغلامه بخلاف الحرائر.
ومن مقاصد الشريعة أن اعتبرت في كمال النعمة على من يجب عليه الحدّ أن يكون قد عقد في عقد على حرّة ودخل بها، إذ أنه بذلك يقضي كمال وطره، ويعطي شهوته حقها، ومن أجل أن يضعها في موضعها، فإن هذا هو الأصل ومنشأ الحكمة، وهذا لا يُعتبر في كل فرد من أفراد المحصنين، ولا يضرّ تخلفه في كثير من المواضع، إذ أن شأن الشرائع الكلية أن تراعي الأمور العامة المنضبطة، ولا ينقصها تخلّف الحكمة في إفراد الصور، لأن هذا شأن الخلق، وهذه هي حكمة الله في خلقه وأمره في قضائه وشريعته.


شارك المقالة: