تعريف عن الكفارة:
إنَّ الكفارة تُطلق على ما يشمل المعنى اللغوي: وهو الستر بعوضٍ، وهو ما يكون جبراً لخطأ أو محواً لإثمٍ أو تقصير. والمتدبر في معنى الكفارة يجد اتصالاً بينهما، حيثُ إنَّ المعنى الاصطلاحي: هو ما كفرَ به من صدقةٍ أو صومٍ أو نحو ذلك، وهذا شيءٍ مرتبط بمعنى الكفارة في اللغة، والتي تدل على السترِ والتغطية، والذي يترتب عليه محو الذنوب وإزالتها وتغطيتها في الدنيا والآخرة حتى تصير كأن لم تكن.
مشروعية الكفارة:
إنَّ من نظر في معناها لغة واصطلاحاً، وفي سببها، استطاع أن يصل إلى حكمة مشروعيتها، وشُرعت هذه الحكمة من أجل ستر العيوب ودرء التقصير الواقع من المكلف قِبل ربه الذي خلقه فسواه، وعلى سائر مخلوقاته اختارهُ وزكاهُ، فعندما يقع منه هذا التقصير ربما وقع في حيرة ماذا يفعل قِبل خالقه إزاء هذا العصيان الذي يدل على خلل في الأيمانِ، فلم يتركه الله في هذه الحيرة، وإنَّما جعل له مسلكاً وسبيلاً وطرقاً توصله إلى مولاه وتعددت هذه الطرق فمنها، ومنها التوبة ومنها الإخلاص ومنها الكفارة مع أن الأديان السابقة كما حدث في بني اسرائيلَ عندما أرادوا أن يتوبوا عن اتخاذهم العجل، فشرع الله لهم التوبة بقتل أنفسهم حيث قال الله تعالى:”وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” البقرة:54.
وبالرغم من هذا التشديد على بني اسرائيل الذين أرادوا التوبة لما بدر منهم تاب عليهم بقتل أنفسهم ولكن بالنظر إلى ما شرعه الله من الكفارات التي تُعدّ أجزية للمحظور المرتكب جعلها كلَّها في المال بلا استثناء، ولم يلجأ إلى البديل البدني”الصيام” إلا عند العجز عن الأداء المالي، فقد جعل الله تعالى الكفارة في سائر أنواعها وأقسامها تدور في الأموال وما ذلك إلا لأن المال جعل صيانةً للأبدان حتى إذا كان المكلف قد ارتكب المحظور بأعضائه، فهذه سماحة وتفضيل ما بعدهُ تفضيل، وليس هذا بكثيرٍ على الله الذي أعطى هذه الأمة الكثير من الفضائل وهذه في رأيٍ من الفضائل التي أعطاها الله لهذه الأمة لتُكفرَ عن خطاياها، فتكون دليلاً على صدق النية ونظافة الطوبة، فقال تعالى:”كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” آل عمران:110.