ما هي خصال كفارة قتل المحرم في الصيد؟

اقرأ في هذا المقال


خصال كفارة قتل المُحرم في الصيد:

إذا تعمد الإنسان أن يقتل الصيد داخل الحرم، أو داخل حدود الحرم، سواء كان محرماً بحج أو عمرة، أو كان حلالاً، أو كان محرماً، وقتله خارج الحرم فيجب عليه الجزاء. والصيد لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: وهي أن يكون الصيد مما له مماثل ومشابه من بهيمة الأنعام، فيجب عليه المثل.
الحالة الثانية: وهي أن يكون الصيد ممّا لا مماثل له. وقاتِل الصيد مخير بين الجزاء بالمثل أو التقويم، وبين الكفارة، فالكفّارة تكون بأحدِ أمرين وهما: الأول: الإطعام والثاني: الصيام.

الجزاء:

ويشمل على كل مما يلي:
1. ما كان له مماثل من النعم: فإذا اختار المثل ذبحه، وتصدق به على مساكين الحرم؛ لأن الله تعالى قال:”هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ” المائدة:95. ولا يُجزئه أن يتصدق به حياً على المساكين؛ لأن الله تعالى سماهُ هدياً، والهديُ يجب ذبحهُ، وله ذبحه في أي وقتٍ يشاء، ولا يختص ذلك بأيام النحرِ.
2. وما لا مثل له من الصيد: يُخير قاتلُ الصيد بين أن يشتري بقيمته طعاماً، فيُطعمهُ للمساكين، وبين أن يصوم. وهل يجوز إخراج القيمة فيه؟ هناك احتمالات:
لا يجوز، وهو ظاهر قول أحمد في رواية حنبل، فإنه قال : إذا أصاب المحرم صيداً، ولم يصب له عدلاً يحكم به عليه قوم طعاماً إن قدر على طعام، وإلا صام لكل نصف صاع يوماً. وهكذا يروي عن ابن عباس. ولأنه جزاء صيد، فلم يجز إخراج القيمة فيه ، مثل الذي له مثل، ولأن الله تعالى خيّر بين ثلاثة أشياء ليس بها القيمة فيه، وإذا عدم أحد الثلاثة يبقى التخيير بين الشيئين الباقيين، فأما إيجاب شيء غير المنصوص فلا.
يجوز إخراج القيمة؛ لأن عمر رضي قال لكعب: ما جعلت على نفسك؟ قال: درهمين. قال: ما جعلتُ على نفسك. وقال عطاء: في العصفور نصف درهم وظاهره إخراج الدراهم الواجبة.

الإطعام:

وقد ورد الإطعام في الآية الكريمة مطلقاً، واجتهد العلماء في تقديره على طريقتين ألا وهما:
الأولى: اعتبار الحد الأدنى لما يحتملهُ اللفظ المُطلق”مساكين” فقدر بعدد ثلاثة، وهذا رأي ابن حزم؛ لأن الله تعالى قال:” أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ” المائدة:95. ولم يحددّ عدداً معيناً وأن لفظ “مسكين” جمع، وأقل الجمع ثلاثةً.
الثانية: التقدير يكون بحسب قيمة الصيد، بحيث يقوم الصيد، ويشتري بثمنهِ طعاماً ويُطعم به لكلِ مسكينٍ صاع. ولا يُشترط الإطعام في الحرم على الصحيح؛ لأن الإراقة لم تعقل قربةً بنفسها، وإنما عرفت قربة بالشرع، والشرع وردَ بها في مكانٍ مخصوص أو زمانٍ مخصوص، فيتبع مورد الشرعِ، ويتقيدُ كونها قربةً بالمكانِ الذي ورد الشرع بكونها قربةً فيه وهو الحرمُ، فإما الإطعام فيعقِلُ قربةً بنفسه؛ لأنه من باب الإحسان إلى المحتاجين، فلا يتقيد كونه قربةً بمكان، كما لا يتقيد بزمانٍ، وتجوز فيه الإباحةُ والتمليك.

الصيام:

وأختير الصيام لأنهُ يُقيم الصيد طعاماً، ثم يصوم مكان كلّ مُدّ يوماً؛ لأن الله قال:”أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا” المائدة:95. وهذا على رأي المالكية والشافعية والحنابلة.
وجاء في المدونة: سألنا مالكاً عن الرجل يُصيب الصيد وهو محرم فيريدُ أن يحكم عليه بالطعامِ، فهل يُقوم الصيد دراهماً أو يُقوم طعاماً. قال: إن الأصحُ في ذلك بأن يُقوم طعاماً، ولا يُقوم دراهماً، ولو قوم الصيد دراهم، ثم اشترى بعد ذلك بها طعاماً لروجتُ أن يكون واسعاً، أما الصواب من ذلك أن يحكم عليه بالطعام، فإن أراد أن يصوم ونظر إلى كمّ ذلك الطعام من الإمداد، فيصومُ مكان كلّ مدٍّ يوماً، وإن زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة. قال: فإن كان في الطعام كسر المدّ؟ قال: ما سمعتُ من مالك في كسر المدّ شيئاً ولكن أحب إلي أن يصوم له يوماً.

كفارة الصيد بين الترتيب والتخيير:

إن قاتلَ الصيدِ مخيرٌ في الجزاء بين أحدِ هذه الثلاثة، بأيها شاء كفر، موسراً كان أو معسراً، وبهذا قال مالك والشافعي وأصحابُ الرأي وأحمدٌ في روايةٍ، روي عن ابن عباس رضي الله عنه وهو مذهب جماعة من التابعين مثل: عطاء والحسن وغيرهم، لقوله الله تعالى:”هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا” المائدة:95. “وأو” في هذا الأمر جاءت للتخيير. وروي عن ابن عباس، أنه قال: كلّ شيءٍ “أو”، فهو كله مخير، وأما ما كان فإن لم يوجد، فهو الأول بالأول.


شارك المقالة: