شرائط الظهار:
للظهار شرائط متعددة، منها يرجعُ إلى المظاهر، وبعضها يرجع إلى المظاهر منه، وبعضها يرجع إلى المظاهر به.
ونبدأ أولاً بشرائط المظاهر.
شرائط المظاهر:
وتشمل شرائط الظهار جميع ما يلي:
- العقل: أن يكون الشخص المظاهر عاقلاً سواء في الحقيقة أو التقدير، فلا يَصحُ ظهار المجنون ولا ظهار الصبي الذي لا يعقل ولا يدرك من أمور الحياة شيئاً؛ لأن حكم الحرمة، وخطاب التحريم لا يتناول من لا يدرك قيمة العقل.
- وأن لا يكون فيه نوعٌ من أنواع العته ولا مدهوشاً ولا مبرسماً وأن لا يكون مغمى عليه ولا نائماً؛ فإنه لا يصحُ ظهار هؤلاء، كما ولا يصح طلاقهم، وظهار السكران كطلاقه.
- البلوغ: إن كان بالغاً فلا يصحُ ظهار الصبي، وإن كان عاقلاً؛ لأنّ الظهار هو من التصرفات الضارة المحضّة، فلا يملكها الصبي، كما أنه لا يملك الطلاق وغيره من التصرفات التي هي فيها ضرر محض.
- الإسلام: وقد اختلف الفقهاء في هذا الأمر على قولين، وهما:
الأول: اشتراط الإسلام، وهذا قول الجمهور، واحتجوا بذلك على ما يلي:
– أن عمومات النكاح لا تقتضي حل وطء الزوجات على الأزواج، بدليل قوله تعالى:” وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ– إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ“المؤمنين: 5-6.
– إن حكم الظهار حرمةً مؤقتة بالكفارة، والكافر ليس من أهل الكفارات، فلا يكون من أهل الظهار.
– إن آية الظهار تتحدث عن المسلم فقط، والدليل على هذا:
إن بداية الآية خصّت المسلمين، في قوله تعالى:”الذين يُظاهرون منكم” وكلمة منكم هنا تعني المسلمين.
– إن فيها أمراً بتحرير يخلفه الصيام، إذا لم يجد تحرير الرقبة، والصيام يخلفه الطعام، إذا لم يستطع وكل ذلك لا يتصور إلا في حق المسلم.
– إن المسلم هو المقصود دون شك، والمذهب عندنا أن العام يفوق الخاص، ومتى ما بني العام على الخاص خرج المسلم من عموم الآية ولم يقل به أحد.
الثاني: للشافعي، وهو إسلام المظاهر ليس لصحة ظهاره، ويصحُ ظهارُ الذمي، والدليل هو:” الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم” من غير فصل بين المسلم والكافر؛ ولأنّ الكافر من أهل الظهار؛ لأن حكمة الحرمة والكُفار مخاطبون بشرائع هي حرمات، ولهذا كان أهلاً للطلاق فهكذا يكون الظهار. - الذكورة: وإذا كان المظاهر رجلاً، فهل هو شرط لصحة الظهار؟ فقال أبو يوسف: ليس بشرط، وقال محمد: هو شرطٌ، حتى لو قالت المرأة لزوجها: أنتَ عليّ كظهر أمي، فهنا وقعت مظاهرة عند أبي يوسف، ووقع عليها كفارة الظهار، وعند محمد لا تصير مظاهرة، وعندما أخبرو قولهما للحسن بن زياد فقال: هما شيخا الفقه أخطأ عليهما كفارة اليمين إذا وطئها زوجها.
- النية في ظهار الكناية غير الصريح: عندما يكون الظهار بالتلفّظ الصريح، قول الرجل لامرأته مثلا” أنتِ عليّ كظهر أمي، وكان مظاهراً، سواء بأن أظهر نية الظهار أو لا نية له أصلاً؛ لأن هذا صريحٌ في الظهار، وواضح المعنى عند السماع، بحيث أنه يتراود إلى إفهام السامعين، فكان صريحاً لا يفتقر إلى النية كصريح الطلاق، مثل أن يقول”أنتِ طالق” ولو نوى بذلك الكرامة أو المنزلة أو الطلاق أو تحريم اليمين فلا يكون ظهاراً؛ لأن هذا اللفظ صريح في الظهار، فإذا نوى به غيره فقد أراد صرف اللفظ عما وضع له إلى غيره فلا ينصرف إليه.