ما هي شرائط وجوب حد القذف؟

اقرأ في هذا المقال


شرائط وجوب حد القذف:

لقد اشترط الحنفية وجوب ستة أنواع من الشرائط، ويتعلق بعضها بالقاذفِ، والمقذوف، وبَعضها بهما جميعاً، وبعضها المقذوف به، المقذوف فيه، ويجيئانِ مع بعضهما بنفس الوقت.

شروط القاذف، ويشترط في القاذف بعض الشروط ومنها ما يلي:

1. العقل: فلا يكون هناك عبرةٌ لكلام المجنون أو المعتوه.
2. البلوغ: فلا يُحد القاذف إذا كان صبياً مثل المجنون، والسبب في حد العقاب هو أن إقامة الحدّ بذاته عقاب وعقوبة القذف هي جنايةً. وفعل الصبي أو المجنون لا توصف بكونها جناية. ولا فرق هناك إن كان القاذف مسلماً أو غير مسلم التزم حقوق المسلمين من مرتدٍ أو ذميٍ أو غير ذلك، واشترط الشافعية أن كون القاذف مكرهاً أو مختاراً.
3. عدم إثباته ما قذف به بأربعة شهود، فإذا جاء بهم وشهدوا على المقذوف بالزنا، فلا يحدّ حد القذف، وذلك لقوله تعالى:“والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة” النور:4.
وقد اشترط أبو حنيفة بأن ياتي الشهود مع بعضهم؛ لأن الشاهد الواحد إذا شهد بمفرده صار قاذفاً، فيقع عليه الحد، ولم يَعد في تلك الحالة شاهداً، فلا يتخلصوا من ذلك الإشكال إلا بأن يكونوا الشهود جماعةً مع بعضهم. ويشترط الجمهور هذا الشرط، إذ الآية مطلقة، بل تفريقهم أولى؛ لأنه يكون أبعد عن التهمة والتواطؤ.
وأجاز الحنفية كون الزوج هو أحد الشهود الأربعة. وقال الجمهور: يلاعن الزوج، ويحد الشهود الثلاثة؛ لأن الشهادة بالزنا هي قذفٌ بحد ذاته قذف.
4. يجب على القاذف أن يلتزم بجميع أحكام الشريعة، لا الحربي، وأن يكون عالماً بالتحريم.
5.  الاختيار أو الطواعية فلا حدّ على المكره.
6. ألا يسمح المقذوف للقاذف بالقذف بالزنا، فإن سمح له بالقذف فلا يحدّ للشبهة.

شروط المقذوف، ويُشترط في المقذوف بالاتفاق شرطان وهما:

1. أن يكون المقذوف مُحصناً: سواء كان رجلاً او امرأة، وتتوفر فيهم عدةُ شرائط الإحصان الخمسة ألا وهي: العقل، والبلوغ، الحريّة، الإسلام، والعفة عن الزنا.
– وقد اشترط العقل والبلوغ؛ لأن الزنا لا يخرج من الصبي أو المجنون، فإن القذف بهما بالزنا يكون كذباً بمحضهِ، ففي هذه الحالة توجّب عليه التعزير وليس الحدّ.
– وأما الحرية: فلأن الله سبحانه وتعالى شرط الإحصان في آية القذف، وهي قوله تعالى: “والذين يرمون المحصنات” النور:4.
فالمراد هنا من المحصنات: هنّ الحرائر لا النساء العفيفات عن الزنا، فلو أريد من المحصنات: العفائف، لكان تكراراً مع ما بعده من الأوصاف الآتية.
– أما الإسلام والعفة عن الزنا، قال تعالى فيها: “إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات” النور:23. والغافلات: العفائف عن الزنا.
– أما تفسير العفة عن الزنا: وهو ألا يكون المقذوف قد وطئ في حياته وطأً محرماً، في غير ملكٍ، ولا نكاح أصلاً، ولا في نكاح فاسد، مثل وطء المرأة بشبهة، كأن تزف إليه امرأة غير امرأته فَوطئها.
ومن لا يجب عليه الحد، لعدم إحصان المقذوف أو للتعريضِ بالقذف، على الخلاف الذي سبق، فإنه يعزر؛ لأن هذا يُعتبر أذى لمن لا يحق له إيذؤهُ.
2. أن يكون المقذوف معروفاً: فإذا كان مجهولاً، فلا يجب عليه الحد، كما لو قُذف جماعة على النحو الذي سبق بيانه، أو أن يقول لجماعة: ” ليس فيكم زانٍ إلا واحد”. أو أن يقول لرجلين أحدكما زانٍ” فإنه في هذه الصور ليس فيكم.
فلا يجب الحد لكل واحد من الجماعة؛ لأن المقذوف مجهول.

أما ما يُشترط في القاذف والمقذوف معاً: ويشترط بالاتفاق أن لا يكون القاذف أباً للمقذوف، وأن لا يكون جده وإن علا، ولا تكون أمه وجدته وإن علت. فإن كان كذلك، فلا حد عليه، للأوامر التي تطالب بالإحسان إلى هؤلاء، وفي إقامة الحد تُرك للتعظيم والاحترام الواجب شرعاً.

ما يشترط في المقذوف به: ويشترط أن يكون القذف بصريح الزنا، أو بما يجري مجرى الصريح.

شرط المقذوف فيه أي أنه يعني المكان: ويُشترط فيه أن يكون القذف حاصلاً أي أنه قد حدث في بيت العدل، فإن حصل في دار الحرب أو في دار البغي، فلا يجوز هناك الحد؛ لأن الإمام هو الشخص الوحيد الذي يقيم الحد، وليس له ولاية له على دار الحرب، ولا على دار البغي في رأي الجمهور، أما الشافعي قال: يستحق الباغي الحد.

ما يُشترط في القذف نفسه: ويشترط أن يكون القذف مُطلقاً عن الشرط والإضافة إلى وقتٍ في المستقبل. فإن كان معلقاً بشرط أو مضافاً إلى وقت، فلا يجب الحد؛ لأن ذكر الشرط أو الوقت يمنع وقوعه قذفاً للحالِ، وعند وجود الشرط أو الوقت يجعل كأنه نجز القذف، فكان قاذفاً تقديراً مع انعدام القذف حقيقة، فلا يجب الحد.
فإذا قال رجل لآخر: “إذا دخلت هذه الدار فأنت زانٍ فدخل، فلا حد عليه. وكذلك إذا قال لغيره: “أنت زان غداً” أو “أنت زان رأس شهر كذا” فأتى الغد والشهر، فهذا لا حد عليه. 


شارك المقالة: