ما هي شروط الكفارة بصفة عامة؟

اقرأ في هذا المقال


شروط الكفارة:

هناك شروط للكفارةِ لا بد من توافرها سواء كانت متعددة على الكفارة أو مصاحبة لها أو ما يفعل أثناء تأديتها وربما كانت هذه الشروط تقترب من الأركان؛ لأن الركن ما كان داخلاً في ماهية الشيء بحيث إذا فُقد فيترتب على فقده إبطال الشيء أو المنع من قيامه بخلاف الشرط؛ لأنه ما كان خارجاً عن ماهية الشيء بحيث إذا فقد لا يذهب الشيء الذي فقده، وإذا كان يؤدي إلى خلل فيه، ومن أهم هذه الشروط هي كالآتي:

  • السبب: والسبب هو ما يؤدي إلى وجود السبب بقوة الارتباط بين السبب والمسبب إذ ارتباطهما يُعتبر كارتباطِ المقدمة بالنتيجة وسببه الكفارة يتنوع باعتبار ما يسببها من اليمين والظهار والإفطار والقتل وارتكاب محظورات الحج.
  • النية: ومعناها في اللغة: القصد، وفي الاصطلاح: قصدُ الشيء مقترناً بفعله. ومن وجبت عليه الكفارة فلا بد أن يقصد عند الإخراج أنها كفارة على أن يكون القصد مُصاحباً للإخراج لا قبله ولا بعده، وهذا الشرط يكاد يكون متفقاً عليه؛ لأن الكفارة عبادة والنية لا تشترط إلا في العبادات، وإذا ثبت أنها عبادة لها بدل ومبدل فهذا يوجب أن يكون المقيد فيها وق الأداء إلا وقت الوجوب.
    ولما كانت عبادة صارت كأنها حقٌ مالي يجب تطيراً كالزكاةِ والأعمال بالنيات فلا يكفي الإعتاق أو الصيام الواجب عليه؛ لأنه قد يجب بالنذر نعم لو نوى الواجب بالظهار أو القتل كفى، فلو كان عليه رقبة ولم يدر أنها عن ظهار أو نذرٍ أو قتل أجزأه نية القتل الواجب عليه ولا يشترط التعرّض للفريضة؛ لأنها لا تكون إلا فرضاً لوجوبها عليه بالمسبب الذي جعلها مستقرة في ذمته لا تبرأ إلا بأدائها. وهل تشترط أن تقارن النية الفعل أو لا يشترط بأن يجوز تقديمها. على الفعل وجهان في ذلك وهما:

    الوجه الأول:
    يرى أنه لا يشترط اقتران النية بالفعل بل يجوز تقديمها وهذا رأي جمهور الشافعية وبالرغم من أن الشافعية يجيزون تقديم نية الفعل إلا إنه ليس على الإطلاق فلو كان الفعل عتقاً أو طعاماً، فإنه يجوز تقيمها قياساً على الصدقات.
    الوجه الثاني: أنه لا يجوز تقديم النية على الفعل بل لا بدّ من اقترانها به دون تفرقةٍ بين الإطعام والعتق والصوم وهذا رأي الأحناف وإن خالفهم زفر وقد استدلوا على ذلك بما يلي:
    أن اشتراط النية لتعيين المحتمل وإيقاعه على بعض الوجوه، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت للفعل؛ ولأن النية هي الإرادة، والإرادة مقارنة الفعل كالقدر الحقيقية؛ لأن بها يصير الفعل اختيارياً، وعلى هذا يخرج ما إذا اشترى أباه أو ابنه ينوي به العتق عن الكفارة، فإنه يجزئ عند الحنفية استحساناً كمُقارنة النية لشرائِهما بقصد العتق، ولما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:”لمن يُجزئ والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه”. سنن ابن ماجه.
    والقياس لا يجزيه وهو قول زفر والشافعي بناءاً على أن المعتق يُثبت بالقرابة والشراء شرط فلم تكن النية مقارنةً لفعل الأعتاقِ، فلا يجوز وأجاب الشافعي: بأن الشراء ليس بإعتاق بمعنى أن الوقت الذي اشترى فيه أباه أو ابنه ليس هو وقت العتق وإنما جاء العتق بعد دخول العبد المشتري في ملك المشتري، فتغايرَ زمانهما.
  • من شرائط وجوبها أيضاً: القدرة على أداء الواجب فيها: وهذا شرط معقول لاستحالة وجوب فعل بدون القدرة عليه غير أن الواجب إذا كان معيناً تشترط القدرة على أدائه عيناً كما في القتل والظهار والإفطار فلا يجب التحرير فيها إلا إذا كان واجداً للرقبة وهو أن يكون له فضل مال زائد عن كفاية نفسه وعياله الذين تلزمه نفقتهم شرعاً من سكنى وكسوةً، فلا بد من العتق لقوله تعالى:” فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ” المجادلة:3.
    أما من ملك عبداً وهو محتاج إلى خدمته لمرضٍ أو كبر فهو في حقه كالمعدوم فلا يجب عليه الإعتاق وقوله تعالى:”فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ” ففي هذه الآية الكريمة شرطاً لوجوبِ التحرير وكان يجب عليه وجد أو لم يجد لم يكن لشرطِ دم وجدان الرقبة وجوب الصوم، فدل على أن الوجود شرط الوجود شرط الوجوب فإذا كان عنده رقبة صالحة للتفكير وجب عليه تحريرها سواء كان عليه دين أو لأنه واجد حقيقتةً، فكذا إذا لم يكن في ملكه عين رقبة وله فضل مالٍ على كفايته، ويكفي لشراءِ رقبة فإنه يشتريها ويعتقها. وذهب الشافعية إلى أنه لو تكلف الإعتاق بالاستقراض أو غيره أجزأه على الأصح وهذا وإن كان الفقهاء يركزون في القدرة على التحرير أولاً، فإنهم قد التزموا بما نص عليه المشرع في القرآن الكريم وعلى الأخص في كفارة القتل والظهار والنظرِعمداً بالوقاع.

شارك المقالة: