ما هي صحة تأدية العبادات في ليلة النصف من شعبان

اقرأ في هذا المقال


ليلة النصف من شعبان هي ليلة خاصة ومباركة في التقويم الإسلامي تأتي في النصف من شهر شعبان الهجري.

وتعتبر ليلة النصف من شعبان مميزة بالأعمال الصالحة والعبادات الخاصة بها، وفي العديد من العبادات الإسلامية تقام في هذه الليلة مثل قيام الليل والذكر والقرآن والدعاء والصدقات، حيث يسعى المسلمون إلى استغلال هذه الفرصة لطلب الغفران من الله وتقوية علاقتهم الروحية. فهل هذا وارد في دليل شرعي؟

هل ورد دليل على تخصيص ليلة النصف من شعبان أو يومه بشيء من العبادات؟

الجواب: ليس هناك دليل يخص ليلة النصف من شعبان ولا يوم النصف من شعبان بشيءٍ من العبادة، ولم يثبت في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء.

ولشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة في هذا الموضوع طبعت ضمن أربع رسائل تتعلق بليلة النصف من شعبان وليلة الإسراء والمعراج وبالمولد النبوي وبالرؤيا أو الوصية المنسوبة إلى أحمد خادم حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم التي هي مكذوبة كذباً واضحاً.

وسمى هذه الرسائل الأربع (التحذير من البدع)، ومما ورد فيها أنه لم يثبت شيء فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان ولا بيومه.

كما قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقد روي أن الله ينزل ليلة النصف من شعبان -إن صح الحديث- فإن هذا مما تكلم فيه أهل العلم].

الصحيح أنه لم ينزل، وهذا الحديث ضعيف غير صحيح، وفيه: (أن الله ينزل في ليلة النصف من شعبان فيغفر لعدد شعر غنم كذا)، لكنه حديث ضعيف.

وليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي لا تخص بطول صلاة ولا يومها بصيام، فبعض الناس يتعبد ويصلي ليلة النصف من شعبان، ويرى بعضهم أنها ليلة القدر، وهذا باطل، فليلة القدر في رمضان، وبضعهم يصوم في يوم الخامس عشر من شعبان فقط، وهذا لا يشرع، لكن يصوم هذا اليوم مع بقية الأيام البيض فلا بأس بذلك.

الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان وصحتها

فقد روى ابن ماجه والبيهقي في الشعب عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فارزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا سائل فأعطيه؟ ألا كذا، ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر”.


وهذا الحديث موضوع، ففي إسناده ابن أبي سبرة، قال عنه الإمام أحمد: كان يضع الحديث.
وقد ضعف الحديث: البوصيري في الزوائد، وابن رجب في لطائف المعارف، وأشار إلى ضعفه المنذري في الترغيب والترهيب.


وضعفه الألباني في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة (2132)، وقد صحح بعض أهل العلم بعض الأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان، وراجع لذلك الفتوى رقم: 6088.

فقد قال القاضي أبو بكر ابن العربي في كتاب (أحكام القرآن) ج/4/117: وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها، فلا تلفتوا إليها. ا.هـ.

إذا كانت ليلة النصف من شعبان نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا

ورد حديث في ليلة النصف من شعبان: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وقد صححه جمع من أهل العلم، ومنهم الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رحمه الله، فهل في هذا الحديث مزية لهذه الليلة من حيث زيادة الذكر والاستغفار والتضرع إلى الله في آخر الليل؟

الجواب: يوجد كثير من أهل العلم لم يصححوا هذا الحديث، وضعفوا كل الأحاديث التي وردت فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان، واليوم سواء كان ليلاً أو نهاراً ليس له مزية، وليس للإنسان أن يخص ليلة النصف من شعبان بشيء؛ لأنه لم تثبت بذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الإنسان يبحث عن السنن ويتبعها، ولا يشغل نفسه بأفعال ذكرها أهل العلم ضمن الأمور المحدثة المنكرة، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة، وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم هم خير الناس وأسبقهم إلى كل خير، ولو كان خيراً لسبقوا إليه.

وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل: من يا رسول الله؟ فقال: هم من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فالواجب على المسلم أن يكون متبعاً وأن يحذر من البدع، ولشيخنا عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة كتبها عن ليلة النصف من شعبان مع رسائل أخرى ثلاث أطلق عليها اسم: التحذير من البدعة.

والألباني لم يصحح الحديث وإنما حسن إسناده، ولفظه غير اللفظ الذي ذكرت، فلفظه: (إن الله ليطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وليس فيه ذكر النزول.


شارك المقالة: