ما هي صفات لوط عليه السلام في القرآن الكريم؟

اقرأ في هذا المقال


صفات لوط عليه السلام في القرآن الكريم:

يتصفُ لوط عليه السلام بعدةِ صفات ومن أهما أنه كان أمينٌ على قومه ومخلصٌ له وكان يتصفُ بالطهارة وآل بيته وكان يتصف بالكرم وكان دائم التوكل، ومطيعاً لأوامر الله تعالى وسنتعرف على هذه الصفات في عدة نقاطٍ مفصلة.

  • لوط الأمينُ على قومه:
    لقد حرص الأنبياءُ عليهم السلام على نشر الإخلاق الفاضلة، وإرساء قواعدها في المجتمعات التي بُعثوا إليها، فإذا كانت مكارم الأخلاق هدف الأنبياء، فلا بدّ أن يتحلوا بها ليكونوا مُثُلاً عليا ونموذجاً يُقتدى به، فقال تعالى: “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ” الأنعام:90.
    وظهرت أيضاً أمانته بحرصه على حسن العلاقات الخارجية والداخلية النقية، فأمرهم بترك قطع السبيل، وكذلك أمرهم بترك إتيانِ الفاحشةِ في النوادي والطرقات حرصاً على سمعة أعراضهم وذرياتهم، حيث قال الله تعالى: “أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ” العنكبوت:29.
  • إخلاص لوط عليه السلام:
    لقد كانت هجرة لوط عليه السلام من أرض العراق إلى بلاد الشام دليلاً عظيماً في الإخلاص لله تعالى، حيث حدد القرآن هدف هذه الهجرة، هجرته للأهل والوطن، وجعل السبب الظاهر والباطن لها من أجل الله تعالى، ولأجل دينه، حيث قال الله تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ” الحج:18. فالإخلاص هي صفة من صفات الأنبياء عليهم السلام، وباتباعهم الصالحين، يحمي الله تعالى بها أصفياءه من كل سوء.
    فقد كان لوط مخلصاً وحريصاً على إنقاذ قومه مما هم فيه، فلم يترك موقعاً، ولا موقفاً إلّا وذكر فيه قومه بتقوى الله، وعانى وقد عانى هو وآل بيته بمكوثهِ بين هؤلاء القوم الذين كانوا يُمارسون أبشع أنواع الفواحش، إلا أنه لم يترك قومه يغرقون، وإنما كان يبذلُ أقصى جهده من أجل إنقاذ هذا القوم من الأفعال التي كاونوا يفعلوها. وظهر إخلاص لوط عليه عليه السلام بطاعته لله تعالى، واتباع أوامره حين أمرهُ بالخروج هو وأهل بيته الطاهرين، وعدم الإلتفاتِ إلى مصارع قومه بمن فيهم زوجته، فقد مضى لوط ومن معه من المسلمين إلى حيث أمرهم الله تعالى دون جدال ولا نقاش، مؤكداً بتصرفه ومن معه على أن رابطة العقيدة هي أقوى الروابط، أقوى من رابطة الدم والقرابة والزوجة، فقال تعالى: “وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ” الشعراء:164. فإخلاصُ لوط ومن معه كان سبباً للنجاة من الهلاك، فلم يلتفتوا تطبيقاً لأمر الله، ومضوا حيث آمروا، فاستحقوا النجاة في كل من الدنيا والآخرة.
  • طهارة لوط وآل بيته:
    لقد كانت طهارة لوط عليه السلام وآل بيته بارزةً وسمةً واضحةً في قومه المنغمسين في براثن الانحلال والإنحراف عن مسار البشرية وعن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فقد كان قوم لوط غريبي الأطوار في أفكارهم وتصرفاتهم حتى وصل جنوحُ الفكر عندهم إلى قلب المفاهيم والقيم، فأصبح في نظرهم الطهرُ جريمةً يُعاقب عليها قانون المنحرفين، وأصبح لوط في نظرهم غريباً عنهم، لا يستطيعون أن يستوعبوه بينهم، والسبب في ذلك لأنه طاهر، و÷م يُشبهون الجراثيم التي لا تستطيع أن تعيش في الأماكن الطاهرة والنظيفة، وقد شَهدَ قوم لوط اللواط بأنه طاهر، حيث قال تعالى: “فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ” النمل:56. أيّ أنهم عابوهم بغير عيب، بأنهم يتطهرون من أعمال السوء، وقولهم هذا قد يكون تهكماً بالتطهير من الرجس والقذر، وأنه قد يكون إنكاراً عليه أن يُسمي هذا تطهيراً. فهم من إنحراف الفطرة بحيث لا يستشعرون ما في ميلهم المنحرف من قذارة، وقد يكون ضيقاً بالطهر والتطهر إذا كان يُكلفهم بالإقلاع عن ذلك الشذوذ.
    فقد استمر لوط عليه السلام في نهي قومهِ عن الفاحشة، وهي علامةُ طهرٍ واضحةٍ في حياة لوط وآل بيتهِ عليهم السلام، وما كانت بعثتهُ كنبيٍّ إلّا من أجل تغيير هذا الواقع الذي كان يعيشهُ قومه، فقام ناهياً قومهُ عما هو فيه، حتى أمرهُ الله بالخروج من بين ظهرانيهم، فقال تعالى: “وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ” النمل:54. فالطهارةُ هي صفةٌ لازمة الأنبياء عليهم السلام، وكذلك للدعاةِ من بعدهم فلا بدّ من طهارة القلب والفكر والسلوك والجوارح، من أجل إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أقوامهم ومجتمعاتهم.

شارك المقالة: