ما هي عقوبات القاذف في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


القذف:

القذف لغةً: هو الرمي مطلقاً. القذف في الاصطلاح الشرعي: وهو رميُ مكلف حراً مسلماً بنفي نسب أب أو جد أو بزنا. ومن المتعارف عليه أن القذف بهذا المعنى يكون كبيرةً من الكبائر؛ لِما في ذلك من انتهاك لعرضٍ الشخص المقذوف المعروف بالعفة.
ومن خطورة هذا الأمر فقد صنع الإسلام حاجزاً منيعاً دونه، فمن أجل ذلك فقد أشدوا بالعقوبة على فاعله في الدنيا والآخرة، فجعلوا عقوبة الجلد في الدنيا ثمانين جلدة، ولا فرق هذا بين الأزواج أو غيرهم مالم يأتتِ القاذف ببينةٍ تثبتُ صدقه، فإن لم تكن له بينة، وكان زوجاً فيُدرء الحد عنه باللّعان، فقال ابن قدامة في المغني: ” إذا قذف الرجل زوجته المحصنة وجب عليه الحد وحكم بفسقه ورد شهادته؛ إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن، فإن لم يأت بأربعة شهداء أو امتنع عن اللعان لزمه ذلك كله”.

عقوبات القاذف:

إن الله تعالى صان الأعراض عن جلب المعرة إليها واللصاق الفواحش بها، فمن تطاول على عرض مسلم يرميه بفاحشة الزنا أو ما يستلزم الزنا كنفي ولد المحصنة عن أبيه، وإن عجز عن إثبات دعواه هذه، فإن الله تعالى أوجب عليه ثلاث عقوبات وهي:
1- جلد القاذف ثمانين جلدة.
2- عدم قبول شهادته.
3- الحكم عليه بأنه فاسق.

أنزل الله تعالى في ذلك نصاً قرانياً صريحاً محكماً يتلى فقال الله تعالى” وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” سورة النور.
فقال ابن القيم رحمه الله على حكمي الجلد وردّ الشهادة، وهما حكمان نصيان لا يفترقان إلى تفصيل سوى الحكم في استمرار ردّ شهادة القاذف بعد توبته. فقد ناقش هذه القضية بعقد مجلس للمناظرة بين المانعين والقابلين، ولكن رحمه الله لم يفصح عن اختياره لأي من القولين ولبيان ذلك ما يلي:
العقوبة الأولى: جلد القاذف من قواطع الأحكام في الإسلام أن العقوبة المقدّرة للقاذفِ ثمانونَ جلدة لأية القذف الآنفة الذكر، وابن القيم رحمه الله في ظل سباقهُ لموقف النبي صلى الله عليه وسلم من قصة الإفك وفي سياقه لأحكامه في الحدود يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد الذي قذف عائشة رضي الله عنها ثمانين ثمانين لكل واحد منهم كما تقدم.
العقوبة الثانية: الحكم بفسق القاذف، جاء في الآية الكريمة على أنّ القاذف فاسق فهو كبيرة من الكبائر؛ وذلك لانطباق حد الكبيرة عليه كما حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح إذ قال في الآية بيان كونه من الكبائر، بناءً على أن كل ما توعد عليه باللعن أو العذاب أو شرع فيه حد فهو كبيرة وهو المعتمد.
العقوبة الثالثة: عدم قبول شهادته عند بيان ابن القيم رحمه الله لقول عمر رضي الله عنه أو مجلوداً في حد حرر الكلام عن شهادة القاذف من ثلاث جهات وهي:
1- عدم قبول شهادته بحده، ما لم يتب وهذا الأمر متفق عليه.
2- هل عدم قبول شهادة القاذف من تمام عقوبته أم لفلسفته؟ إن السبب الموجب لرد شهادته هو الفسق بالقذف، ولم يجعل رد شهادته من تمام عقوبة الحد.
3- في حكم قبول شهادته بعد توبته.

ذكر ابن القيم في هذا قولين على ما يأتي:


القول الأول: وهو أنه لا تقبل شهادة المحدود في قذف ولو تاب.
القول الثاني: وهو قبول شهادة القاذف إذا تاب، وقد بين ابن القيم القائلين به فقال والثاني تقبل وهو قول أحمد والشافعي ومالك.


شارك المقالة: