ما هي قصة الأبرص والأقرع والأعمى الذين ابتلاهم الله

اقرأ في هذا المقال


هناك كثير من الناس ابتلاهم الله تعالى بالفقر أو المرض فيتمنون أن يتخلصوا منه، فبعضهم كان يحصل على ما يتمناه، فيغير الله حالهم ومرضهم إلى عافية ويبدل الله تعالى فقرهم بغنىً، ومنهم من لا ينسى البلاء الذي حلّ بهم، فلا يشكرون الله على نعمته عليهم ولا يتألمون للمصابين بمثل ما كانوا به مصابين، وبعضهم من يحمد الله تعالى على ما تفضل به عليهم من إزالة ما كان بهم من ضرّ، وحينما يرون مصابًا بمثل ما كانوا مصابين به يشفقون لحاله ويمدون أيديهم لتقديم العون له.

الدليل من السنة على قصة الأبرص والأقرع والأعمى الذين ابتلاهم الله

لقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إنَّ ثَلَاثَةً في بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبرَصَ، وَأَقرعَ، وَأَعْمى، بَدَا لِلَّهِ عزَّ وَجلَّ أَن يَبتَلِيَهم، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فأتَى الأبرَص، فقال: أَيُّ شَيءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قالَ: لَوْن حَسَن، وَجِلْدٌ حَسَن؛ قدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عنْه، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنا، وَجِلْدًا حَسَنًا، فَقالَ: أَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الإبِلُ أَوْ قالَ: البَقَرُ، هو شَكَّ في ذلكَ: إنَّ الأبْرَص وَالأقرعَ قال أَحَدُهما: الإبِلُ، وَقال الآخرُ: البقَرُ، فَأُعطِي نَاقةً عُشرَاء، فَقالَ: يُبارَك لكَ فِيها.

وَأَتَى الأقْرَعَ فَقالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هذا؛ قدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قالَ: فأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: البَقَرُ، قالَ: فأعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقالَ: يُبَارَكُ لكَ فِيهَا. وَأَتَى الأعْمَى فَقالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ به النَّاسَ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قالَ: فأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الغَنَمُ، فأعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هذانِ وَوَلَّدَ هذا، فَكانَ لِهذا وَادٍ مِن إِبِلٍ، وَلِهذا وَادٍ مِن بَقَرٍ، وَلِهذا وَادٍ مِن غَنَمٍ.

 ثُمَّ إنَّه أَتَى الأبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، تَقَطَّعَتْ بيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فلا بَلَاغَ اليومَ إِلَّا باللَّهِ ثُمَّ بكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ، وَالجِلْدَ الحَسَنَ، وَالمَالَ؛ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عليه في سَفَرِي، فَقالَ له: إنَّ الحُقُوقَ كَثِيرَةٌ، فَقالَ له: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فقِيرًا فأعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقالَ: لقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عن كَابِرٍ، فَقالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ.

وَأَتَى الأقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ له مِثْلَ ما قالَ لِهذا، فَرَدَّ عليه مِثْلَ ما رَدَّ عليه هذا، فَقالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ، وَأَتَى الأعْمَى في صُورَتِهِ، فَقالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابنُ سَبِيلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بيَ الحِبَالُ في سَفَرِي، فلا بَلَاغَ اليومَ إِلَّا باللَّهِ ثُمَّ بكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بهَا في سَفَرِي، فَقالَ: قدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفقِيرًا فقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ ما شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لا أَجْهَدُكَ اليومَ بشَيءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ؛ فإنَّما ابْتُلِيتُمْ، فقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ علَى صَاحِبَيْكَ” رواه البخاري.

لقد أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام في هذه القصة عن صنفين من الناس وهم: الكافرين بالنعمة والشاكرين لها، فقد ابتلى الله تعالى ثلاثة من ذوي العاهات من بني إسرائيل، فأرسل إليهم ملكًا مسحهم، فأزال الضرّ الذي بأجسادهم وقام بإعطاء المال لكل من يحبه منهم، وما إن مرت سنوات حتى أصبح كل واحد منهم عنده مال كثير، فأرسل الله لهم الملك مرة ثانية، فجاء كلًا منهم في مثل صورته التي كان عليها أيام مرضه وفقره يسألهم المساعدة والعون، فبخل اثنان؛ وذلك كفرًا بنعمة الله وضنًا بالمال الذي تفضل الله به على كل واحد منهما، أما الثالث فقد جادَ شاكرًا لنعمة الله تعالى.

إن الذي كان شاكر لنعمة الله هو صاحب النفس الصافية المليئة بالإيمان وتقوى الله، وكشف للسائل حقيقة ما كان عليه من قبل وهي قد كنت أعمى وأعاد الله إلي بصري وفقيرًا فأغناني ولم يجد له بشاة واحدة ولكنه ترك له الخيار أن يأخذ ما يريد.

العبر المستفادة من قصة الأبرص والأقرع والأعمى الذين ابتلاهم الله

1- أن الله تعالى ابتلى عبادة، كما ابتلى الثلاثة الذين ذكروا في الحديث ليظهر الشاكر من الكافر والصالح من السيء. وحتى يظهر قدرته تعالى على أنه قادر على أن يشفي الناس من الأمراض الصعبة التي يعتقد البعض أنه لا دواء لها ولا شفاء لها.

2- بيان فضل الشكر في السراء ومن الشكر الجود بالمال وإعطاعه لمن يستحقه وعاقبة الكفر بالنعمة ومن الكفر البخل بالمال على مستحقيه من الفقراء فكثرة المال ليس عبرة على حب العبد لله تعالى؛ لأن الله يمتحن الذين يعطيهم المال كما اختبره لهؤلاء الثلاثة.

3- أن الملك لم يكن كاذبًا حينما ادعى أنه رجل مسكين تقطعت به السبل في سفره، فكان مقصده ضرب المثل بما فعل.


شارك المقالة: