ما هي قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت؟

اقرأ في هذا المقال


قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت:

إن قصة هؤلاء الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، وردت بعد قصة إبراهيم الخليل عليه السلام في الترتيب القرآني، يقول الله تعالى: “ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ” البقرة:243.

كان هناك قرية يقال لها “داوردان” حلّ فيها الطاعون ولاذ بالفرار أغلب أهلها ونزلوا في جهة منها وهلك من بقي في تلك القرية من هلك ونفذ الآخرون ولم يمت منهم الكثير. ولما انتهت فترة الطاعون عادوا سالمين كل من ظلّ على قيد الحياة، فقالوا: إن أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منّا، فلو فعلنا مثلما فعلوا بقينا حتى إذا حلّ الطاعون مرةً ثانيةً لنخرجنّ معهم.

وعاد الطاعون ونزل في قابل وكانوا بضعة وثلاثين ألفًا حتى نزلوا ذلك المكان وهو وادٍ أفيحً، وناداهم ملك من أسفل الوادي وملك آخر من أعلاه، فقال لهم: موتوا، فماتوا حتى إذا هلكوا وظل وظلت أجسامهم وبعد تلك الحادثة جاءهم نبيّ اسمه: “حزقيل” فعندما رآهم ووقف عليهم صار يتفكر فيهم ويقلب كفيه فأوحى الله تعالى إليه، أتريد أن أريك كيف أحييهم، قال: نعم.

وكان يظن بأن ذلك تعجب في قدرة الله عليهم، فقيل له: نادي، فنادى يا أيتها العظام إن الله يأمركِ أن تجتمعي، فردت العظام واستجابت لكلام ربها وتطاير بعضها إلى بعض حتى أصبحت أجسادًا من عظام، وبعد ذلك أمره الله بأن ينادي، “يا أيتها العظام إن الله تعالى يأمركِ أن تكتسي لحمًا، فسمعت العظام واكتست لحمًا ودمًا وحتى أيضًا ثيابها التي ماتت فيها”، ثم قال له نادي، فنادى يا أيها الأجساد، إن الله يأمركِ أن تنهضي فنهضت، فقالوا حين أحياهم الله: “سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت”.

وعادوا إلى قومهم أحياءً وقد كانوا يعلمون بأنهم موتى وسمة الموت على وجوههم لا يلبسون ثوبًا إلا عاد كفنًا دسما، حتى ماتوا لآجالهم التي كُتبت لهم، ولكن كم كان عدد هؤلاء القوم وأين كان مكان تواجدهم؟

عدد الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت:

لقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، إنهما كانوا أربعة آلاف وعنه ثمانية آلاف فيما أحصاهم أبي صالح تسعة آلاف. وعن ابن عباس رضي الله عنه أيضًا كانوا أربعين ألفًا. وعن سعيد بن عبد العزيز وكانوا من أهل أذرعات. وقال محمد بن إسحاق عاود الحديث عن النبي حزقيل قائلًا: لم يقال لنا عن مدة نزل حزقيل عند بني إسرائيل، ثم إن الله توفاه، فلما توفاه الله نسي بني إسرائيل عهد الله إليهم وتطورت فيهم الأحداث وعمدوا الأوثان وكان يخصون فيما يعبدونه من الأصنام صنمٌ يقال له: “بعل”.

آراء العلماء في قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت:

قال العلماء في ذكر لهذه القصة، قال العالم ابن الكلبي والعالم مقاتل بن سليمان والعالم الملك الضحّاك: إن ملكًا من ملوك بني إسرائيل طلب من هؤلاء القوم أن يخرجوا للقتال مع عدوهم، فعندما تجهزوا للقتال فجُبنوا وكرهوا أن يموتوا، فاعتلوا وقالوا لملكهم: إن المكان الذي يأتي فيه الوباء فلا ندخلها حتى ينقطع منها.

فأرسل الله تعالى عليهم الموت وخرجت من ديارهم ولذت بالفرار، فلما شاهد الملك ذلك، قال: “اللهم رب يعقوب وإله موسى قد ترى معصية عبادك فأرهم آية في أنفسهم حتى يعلموا أنهم لا يستطيعون الفرار منك”. وعندما خرجوا قال لهم الله تعالى موتوا عقاب لهم، فماتوا جميعًا وماتت دوابهم كموت رجل واحد، ومرت عليهم ثمانية أيام حتى انتفخوا وعندما نظر الناس إليهم عجزوا عن دفنهم قاموا ببناء حضيرة عليهم وتركوهم فيها.

وحينما قصّ الله تعالى قصة الذين خرجوا من ديارهم على كثرتهم واتفاق مقصدهم بأن الذين أخرجهم منها حذر الموت من الوباء الذي كان وقتها أو غيره هدفهم بهذا الخروج هو السلامة من الموت، ولكن لا يغني حذرٌ عن قدر فقال لهم الله: موتوا فماتوا ثم بقدرته تعالى أحياهم؛ فكان ذلك بيانًا لآياته لخلقه بإحياء الموتى ولهذا قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ” البقرة:243. فلا تزيدهم النعمة شكرًا بل إنهم استعانوا بنعم الله على فعل المعاصي، ففي هذه الآيات دليل على أن الأسباب ليس فيها فائدة مع القضاء والقدر وبالأخص التي تترك بها أوامر الله، وفيها الآية العظيمة بإحياء الموتى أحيانًا في هذه الدار، فيبين الله تعالى أن الهروب من الموت لا يمنع الموت ولا يمنعه من قدر الله شيء.


شارك المقالة: