قصة توبة أبو هريرة رضي الله عنه:
إنّ الرواة والصحابةِ هم أفضل الناسِ على الإطلاق، وقد وردَ ذلك في مُصرحاً به في حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وهو عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيرُ الناسِ قَرني، ثُمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يَلونهم” رواه البخاري ومسلم.
يقولُ أبو هريرة إنّي خرجتُ في ليلةٍ بعد ما صليتُ العِشاء مع النبي عليه الصلاة والسلام، إذ مررتُ بامرأةٍ متنقبةٍ قائمة على طرفِ الطريق، فقالت: يا أبا هُريرة: لقد فعلتُ خطأً عظيماً، فهل هناك لي توبة، فسألها أبا هريرة ما هو ذنبك؟ قالت: لقد فعلتُ فاحشة الزِنا وحملت، وقمت بقتل ولد الزنا، فأجبتها، هلكتِ وأهلكتِ، وليس لكي والله من توبة، فشهقت شهقةً ثم سقطت على الأرض مغشياً عليها وذهبت في طريقها. وقلتُ في نفسي.
هل يصح أن أفتي ورسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فعندما أصبحت ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثهُ بما حصل معي، وقلتُ: يا رسول الله، هناك امرأة أتتني البارحة واستفتتني في أمرٍ وهو كذا وكذا، فقال: رسول الله عليه الصلاة والسلام: “إنّا لله وإنا إليه راجعون” أنتَ والله من الذي هلكت وأهلكت، أين أنت عن قول الله تعالى: “وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا” إلى قوله تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” الفرقان:68-70.
فقال أبو هُريرة: خرجتُ مُسرعاً من عند رسول الله عليه الصلاة والسلام، وصرتُ أبحثُ عنها في سكك المدينةِ وأقول: هناك امرأةً أتتني تسألني عن أمرٍ يخصها البارحة، فصار الصبيان يقولون: لقد جنّ أبو هريرة، فعندما جاء الليل، وجدتها في نفس المكان الذي كانت موجودةً فيه، فأتيتُ إليها وأعلمتها بما قاله لي الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنّ لها التوبة، ففرحت فرحاً شديداً وسُرَّت بهذا الخبر، وقالت: إنّني أملكُ حديقةً، فاشهد أنِّي وهبتها صدقةً للفقراء والمساكينِ جراء ذنبي.