ما هي قصة توبة عكرمة بن أبي جهل؟

اقرأ في هذا المقال


قصة توبة عكرمة بن أبي جهل:

قال عكرمة: والله لا أقيمُ في أرض أرى فيها قاتلُ أبي الحكمِ، فذهبَ من أجل أن يركب البحر، وعَمدَ ختنهُ أبو امرأتهِ، فذهب وطلبَ من زوجتهُ أن تتعصبَ وتلتقي به، فقالت: إلى أينَ ستذهبُ يا أميرَ فتيانَ قريش، هل ستذهبُ إلى مكانٍ لا يعرفكَ فيها أحد، وأصرّ أن يُطيعها.

وذُكر عن عبد الله بنُ الزُبير، قال: عندما كانَ يوم الفتح أعلنت هندُ بنتُ عُتبة إسلامها، ومعها أمّ حكيمُ بنت الحارثُ بن هِشام زوجة عِكرمة، وهناك عشرُ نسوةٍ من قريش أتينّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو في منطقةِ الأبطحِ وبايعنهُ.

وحينما دخلت هؤلاءِ النساء على النبيّ عليه الصلاة والسلام، وجدنّ عندهُ أزواجهُ وابنتهُ فاطمة وبعضُ النُسوة من نساءِ بني عبد المُطلب، فتحدثت هندُ بنتُ عُتبة، وقالت: يا رسول الله! إنّنا نحمدُ الله تعالى الذي بيّن الدين الذي خصّ فيه نفسه حتى تمسني رَحمتُك.

وقالت: يا محمد! إنّيُ امرأة مُصدقة بالله، وبعدها كَشفت عن وجهها، فقالت: هندُ بنتُ عُتبة، فقال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم لها: “مرحباً بكِ”، فردت عليه واللهِ يا رسول الله، لا يوجدُ على الأرضِ أهلُ خباءٍ أحبُ إليّ أن يُذلّوا من خبائِك، وقد أصبحتُ وما على الأرضِ من أهلُ خباءٍ أحبُ إليّ أنّ يُعزوا من خبائك. فردّ عليه الصلاةُ والسلام: “وزيادةً أيضاً”. ثم بعد ذلك تَلى النبي عليهِ الصلاةُ والسلام القرآن الكريم عليهنّ وبعدها بايعهنّ.

ثم بعد ذلك قالت أمّ حكيم زوجة عِكرمة: يا رسولُ الله، لقد هربَ عِكرمةُ منكَ إلى بلاد اليمن، فخافَ أن تقتلهُ فأمنهُ، فقال النبي عليه الصلاةُ والسلام: أنهُ آمن، فأرسَلت أمُ حكيمٍ في طَلبهِ، ولم تُدركهُ حتى وصلَ إلى شاطئ من شواطئِ تُهامة، فصارَ يقولُ صاحبُ السفينة يقول: أخلص! قال: ماذا أقول؟ قال لهُ: انطق بلا إلهَ إلا الله.

فقالَ عِكرمة: إنّي لم أهرب إلّا من هذا، فأتت أمّ حكيمٍ على هذا من الأمرِ، فصارت تقول؟ يا ابنُ عمي، إنّني أتيتكَ من عِندِ أفضل الناس وأخيّرُهم وأبرّهم، فلا تُهلك نفسك، فقالت: إني استأمنتُ لك رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال: هل أنتِ فعلتِ؟ قالت: نعم، فقد كلمتهُ وأمنك، فعادَ معها. وصارَ عِكرمةُ يطلب زوجتهُ لكي يُجامعها، فتأبى عليهِ وتقولُ له: إنكَ كافرٌ وأنا مُسلمة، فيقول: هُناك شيئاً كبيراً منعكَ مني.

فعندما رأى عليه الصلاة والسلام عِكرمة هجمَ عليهِ وهو لم يكن يَرتدي رداءً من شدة الفرحة بعِكرمة، وبعدها جلسَ عليه الصلاة والسلام، فوقفَ عِكرمة بينَ يديهِ وبجانبهِ امرأتهُ المُتنقبة، ثم قال عِكرمة: إنّي أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، ففرحَ بذلك النبي عليه الصلاةُ والسلام وقال: يا نبيّ الله علّمني خيرُ شيءٍ أقولهُ.

فقالَ له: قل أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أنّ محمداً رسول الله، وبعدها قال عِكرمةُ: ماذا أقولُ أيضاً: قال له النبي عليه الصلاة والسلام، قول: أُشهدُ الله وأُشهد من حضرَ هنا إنّي مسلمٌ مهاجرٌ، فقال: عِكرمة مثلما قال له النبي.

فقال عليه الصلاة والسلام: لا تسألني اليوم عن أي شيئاً أُعطيهِ أحداً إلّا أعطيتكهُ، فقال عِكرمةُ: يا رسولَ الله أرجوكَ أن تستغفرَ لي كلّ عداوةً عاديتكها، أو مسيرٍ أوضعتَ فيه، أو حتى مقام  لقيتكَ فيه، أو كلامٍ قلتهُ في وَجهكَ أو حديثٍ قلتهُ وأنت غائبٌ عنه.

فقالَ النبي عليه الصلاةُ والسلام: “اللهم اغفر لهُ أيّ عداوةٍ عادانيها، وكلّ مسيرٍ سارَ فيه إليّ موضعاً يُريدُ بذلك المسيرُ إطفاءُ نورك، واغفر جميعَ ما نالَ مني من عرضٍ في وجهي، أو وأنا غائبٌ عنه، فقال عِكرمةُ: والله لقد رضيتُ يا رسولَ الله! أمّا والله يا رسول الله، لن أتركَ نفقةً كنتُ أُنفقها في صدٍّ عن سبيلِ اللهِ إلّا أنفقتُ ضِعفها في سبيل الله، ولا حتى قِتالٌ كُنتُ أقاتلُ في صدٍّ عن سبيل الله إلا أبليتُ ضعفهُ في سبيل الله، وبعدها ظلّ يجتهدُ في القِتال حتى يقتَل، وبقيّ يُقاتلُ لوجه الله حتى توفاهُ الله.

فقد كانت لابن عِكرمةُ سابقةً مع رسول الله عليه الصلاةُ والسلام، ثم بعدها قاتلَ قِتالاً عَصيباً حتى قُتلَ، فوجدَ بهِ بِضعٌ وسبعونَ من بينِ طعنةٍ وضربةٍ ورمية، فقال عبد الله بن مُصعب، استشهدَ يوم اليرموك الحارثِ بنُ هِيشام وعِكرمة بن أبي جهل، وسُهيل بن عَمرو.


شارك المقالة: